أثار الحوار الذي دار بين "الشيخ" المسن، الإمام الأكبر، شيخ الأزهر – كما تعودت أن أسمع لقبه من مذيعي نشرات الأخبار في التليفزيون الرسمي المصري – و بين الطالبة الصغيرة السن، الكبيرة العقل، و مُدَرِسَةِ الفصل الشجاعة الذي كانت به، أثناء زيارته لمعهدٍ أزهريٍ في مدينة نصر بالقاهرة، في أول أيام الدراسة، ضجةً كبيرة في الشارع المصري، و وسائل الإعلام المختلفة.
الشيخ "المحترم"، أحد أكبر المُبشرين بـ"حوار الأديان"، و أكثر من شاهدت من شيوخ الإسلام نوماً و مسكنةً في الحديث، لم يحتمل أن يرى شيئاً – يخالف ما يراه هو من الدين، و كان هذا الشيء هو النقاب …، و هو أمرٌ فيه خلاف بين العلماء.
الشيخ لا يحب من يخالف طريقه، و شعاره الآن هو "إن لم تكن معي، فأنت بالتأكيد ضدي."
۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞
(كلماتٌ كالجمر المنثور)
عندما دخل الشيخ أحد الفصول في معهد فتيات أحمد الليبي للمرحلة الإعدادية، فوجئ طنطاوي بطالبة في الصف الثاني الاعدادي ترتدي النقاب داخل الفصل، ما أدى إلى انفعاله بشدة، وطالبها بضرورة خلعه قائلاً:
"النقاب مجرد عادة لا علاقة له بالدين الإسلامي من قريب أو بعيد، وبعدين إنت قاعدة مع زميلاتك البنات في الفصل لابسة النقاب ليه؟"
ولم تجد الطالبة أمامها وسيلة أخرى في مواجهة إصرار شيخ الأزهر على خلع النقاب سوى تنفيذ الأمر بخلعه وكشف وجهها، فعلّق طنطاوي قائلاً:
"لما إنت كده أمال لو كنت جميلة شوية كنت عملتي إيه؟".
وردت إحدى المدرسات بالمعهد قائلة إن الطالبة تخلع نقابها داخل المعهد لأن كل المتواجدات فيه فتيات، "ولم تقم بارتدائه إلا حينما وجدت فضيلتك والوفد المرافق تدخلون الفصل".
لكن شيخ الأزهر طلب من الفتاة عدم ارتداء النقاب مرة أخرى طوال حياتها، فقالت إنها تقوم بارتدائه حتى لا يراها أحد، فرد طنطاوى منفعلاً: "قلت لك إن النقاب لا علاقة له بالإسلام وهو مجرد عادة، وأنا أفهم في الدين أكتر منك ومن اللي خلفوكي".
على الفور، أعلن طنطاوي عزمه إصدار قرار رسمي بمنع ارتداء النقاب داخل المعاهد الأزهرية، ومنع دخول أي طالبة أو مدرسة المعهد مرتدية "النقاب".
۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞
أسلوب منحط و سافل في الدعوة، فإن كان المرء يدعو الناس للباطل و تكلم بهذا الأسلوب، لسلخه القائمون على هذا الباطل حيا.
الشيخ الموقر دمر معنويات الفتاة المسلمة الحريصة على طاعة ربها، ليرضي بفعلته هذه غروراً بداخله، أو صنماً يعبده من دون الله تعالى.
الشيخ يفرض رأيه على من يخالفه، حتى و إن كان تحت سلطته، فكما أعلمُ – و علمي قليل - أنه لا كهانةَ في الإسلام، و لا توجد سلطةً ما، في مكانٍ ما على وجه الأرض، تعطي شيخ الإسلام القوة اللازمةَ لفرض رأيه – بعد أن تطوع مشكوراً قائلاً أنه يفهم في الدين أكثر من الذين "خلفوا" البنت، أو المُدَرسة – و بما أنه فاهمٌ و مُلِمٌ بالدين، فقد أعطى نفسه السلطة اللازمة لقهر من هم تحت إمرته.
الشيخ الذي يسمح بوجود أرضية مشتركة بين الإسلام، و بين شتى الملل الشركية في أركان العالم الأربع، لا يسمح بوجود مثل هذه الأرضية بينه و بين من ينتمون لنفس ملته.
۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞
كيف يمكن لشخصٍ أياً كانت وظيفته أن يمكث في منصبه أبد الدهر ؟
و هل يؤثر ذلك على أدائه لعمله ؟
إليكم الرد من د. أحمد عكاشه
يقول أن طول البقاء في المنصب يورث نوعاً من التوحد بين المنصب و بين شاغله، بحيث يكون كلاهما واحد، و يصاب صاحب المنصب بالبارانويا – جنون العظمة - فإن حدث خلاف بينه و بين شخص ما، لا يكون خلافاً في وجهات النظر، أو في الرأي، بل على الفور يُتَهَم هذا الشخص بالخيانة، لأن شاغل المنصب هو أدرى و أعلم بما فيه المصلحة العليا – هل يوجد تطابق بين هذا الكلام و أحد ما، في مكانٍ ما ؟
حزروا … و فزروا …
۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞
عارٌ عليه …
و عارٌ علينا …
هذا "الشيخ" نزل بالأزهر إلى أسفل سافلين، بعدما كان شريفا، بعدما كان قلعةً من قلاع الإسلام – و لا أبالغ إن قلت أكبرها – أصبح قزماً لا يطاول الكبار و لا يُنازع أعداء الدين، بل يهاودهم و يهادنهم.
يصافح جزار بني صهيون في نيويورك قبل عام أثناء حصار غزة، و لا يعلم من هو !؟
يصافحه، و حين يُسأل لِمَ صافحته يا شيخ، أولا تدري أن غزة محاصرة؟
يقول "الشيخ" أنه لا يعلم، و أنها ليست مسؤليته، و لنذهب لنسأل وزير الخارجية "الحقل"، فهذه ليست وظيفة "شيخ الأزهر" !!!
يالها من مرارة تعتصر حلقي حين أراه …
هذا القزم … قَزَّمَ الأزهر و اختصره و اختصر دوره إلى مجرد موظف ينتظر التعليمات لينفذها، ليس مفكراً، ليس مجدداً، بل تابعاً أحمقاً يرقب حركات الدولة، أتتجه يُمنَةً أم يسارا، ليأخذ احتياطه و يسبق في هذا الإتجاه، ليصبح ملكياً أكثر من الملك.
۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞
يجب أن يتم عزل هذا المهرج، و لا يتم تعيين غيره إلا بالإنتخاب من قِبَل هيئة من كبار علماء الأزهر، تملك حق تعيين و عزل شيخ الأزهر، و يكون ولاءه الأول للدين و لمصلحة الأمة كلها، المسلمين كافةً و العرب خاصةً و المصريين على وجه الخصوص.
فشيخ الأزهر الآن يُعيَن من قِبَل رئيس الجمهورية، و يُعزل من قِبَلِه أيضا، فلا غرو أن يكون ولاءه لمن عَيَنَّه، و لا أهمية لأحدٍ بعد الرئيس.
و جرت العادة أن يظل الشيخ في منصبه حتى يموت، إلا إذا غَضِب عليه الرئيس و عزله، و من مضار البقاء حتى القبر …
أولاً: بقاء الشيخ في منصبه حتى الموت يورث الوهن و الجمود و فرض الرأي الواحد.
ثانياً: نحن لسنا كرهبان نصارى الفاتيكان، حين يختارون لرئاستهم قسيساً يظل في مكانه حتى الموت.
قلدناهم في البقاء أبد الدهر، و لم نقلدهم في كيفية الإختيار، حين يجتمع كبارهم و يظلون في تشاورٍ و تباحث في هذا الأمر، حتى يستقرون على واحدٍ منهم.
لا يجوز أن يظل الشيخ في المنصب أكثر من عشر سنين، ينتقل بعدها إلى صفوف العلماء، ليتجدد شباب الأزهر باستمرار، و بالتالي شباب الدين الحنيف.
كل هذا سيعود بالأزهر إلى حاله قبل تأميمه على يد جمال عبد الناصر، قوياً ذا شوكة و مهابة.
۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞
إن صلُح حال الأزهر، سينصلح حال مصر بالتالي، و تذكروا أن التتار هزمهم المسلمون حين كان كبير شيوخ مصر هو الشيخ العز بن عبد السلام، الذي باع المماليك في سوق الرقيق، و كانوا جبابرة ذلك العصر، و أجبر الملك الصالح أيوب على ما رأى، و خضع الملك – ألأنه كان صالحاً و له من اسمه نصيب؟ … ربما – و جمع المال الذي اشتروا به أنفسهم في خزانة الدولة التي كانت خاوية مثلما هو الحال الآن.
ربما يُعيد التاريخ نفسه … ربما …
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اطرق الباب و اترك رسالة !