ما الذي لابد أن نخشاه ؟
يلاحظ الجميع – و أعني هنا ذوي الرؤوس السليمة - مدى التردي الذي تعيشه مصر الآن، في كل مناحِ الحياه، من أبسط الأشياء حتى أعقدها، إنقلاب المعايير، شرعنة الخطأ، و تجريم الصحيح …
و أرى الجميع يتحسرون على ما مضى، في حنينٍ إلى الماضي حيث كان المجتمع صحيحاً و عفيا، يرى طريقه جيداً، و يعرف كيف يسير فيه، و كيف يتخطى العقبات بطريقة صحيحة، بدون كسر أحد القواعد الثابتة، أو القوانين الصارمة.
لكن الماضي لم يكن مثاليا أبدا، كان الناس ساعتها أيضاً يتحسرون على "ماضيهم" الذي كان جميلا !
و للحق، فإن ماضينا – القريب - الذي نتحسر عليه كان بالفعل جميلاً و رائعاً أيضا، و لذلك أسبابٍ …، فقد كان بمصر كل مصادر الجذب و التنوع في محيطها الجغرافي، لها إشعاعٌ و تأثيرٌ ثقافي و ديني و تعليمي، و قوة عسكرية لها حساب، و فوق ذلك كله … الثقل السياسي الكبير.
۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞
"القوة الناعمة" أحد المصطلحات التي صكها الأستاذ هيكل، و كان يعني به القوة البشرية التي تملكها مصر، تلك القوة التي تؤثر بها لكسب المواقف لصالحها و لصالح محيطها.
لم تكتسب مصر تلك القوة فجأة، و لم تهبط عليها من السماء كالمطر، بل كانت تراكماً لسنواتٍ و عهودٍ و قرونٍ مرت عليها، ارتفاعات و انخفاضات، انتصارات و انكسارات، الرخاء و الشدة، هكذا كانت التجربة و البوتقة التي صهرت مكونات ساكني تلك البلاد على ضفاف النيل، و أنتجت التجربة الفريدة لمصر.
كانت مصر مركزاً مهماً من مراكز الحضارة الإنسانية – و ليست الوحيدة – منذ فجر التاريخ، ببداية الحكم المصري القديم، و مروراً بغزاة مصر القديمة من هكسوس و فرس و إغريق و رومان حتى الفتح الإسلامي على يد العرب، و صارت مصر درة من درر تاج الإسلام، إلى أن أصبحت درته الكبرى منذ القرن العاشر الميلادي، و حتى وقتٍ قريب.
موقع مصر الجغرافي الفريد أهَلَها لتكون مركزاً لجذب كل طامعٍ و طامح، للعلم، للجاه و الثروة … و للحكم.
۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞
في أوائل القرن التاسع عشر لملمت حملة نابليون الفاشلة على مصر أذيال خيبتها و رحلت، و جاء محمد علي و أسس اللبنة الأولى لدولة عصرية على أنقاض حكمٍ مملوكي محلي منهار، و خلافةٍ عثمانية تتداعى للسقوط، و كان التخلص ممن حملوه – ضد رغبة الخلافة – إلى عرش مصر، أولى خطواته، لكي لا يلقى معارضةً داخلية من الزعماء الشعبيين، فكان أن نفاهم إلى أقاصي البلاد – و قد فعل جمال عبد الناصر مثله تماماً بعد إنقلاب يوليو حينما استبعد الكفاءات و القيادات ( لا سيما في الجامعه ) التي ساعدت و ساندت إنقلابه و أعطته الشرعيه – و قام بتدبير مذبحة القلعة لرؤوس المماليك، ليخلو له الجو تماما.
طموح محمد على قابله استعداد المصريين و أهليتهم للنهوض، فنهض بهم و أسسوا الدولة التي لم تصمد طويلاً أمام الأطماع الإستعمارية، و التي امتدت من نجد شرقاً حتى برقه غرباً، و من منابع النيل جنوباً حتى الأناضول شمالا.
لم يكن من المعروف إن كان لمحمد على مشروعا لينفذه أم لا، هل كان توسعاً لغرض التوسع فقط، أم لتكوين إمبراطورية تضاهي إمبراطوريات ذلك الزمان؟
لذا فعندما فرضت عليه القوى الإستعمارية الأوروبية قيداً يحد من حركته داخل مصر فقط، لم يقاوم كثيرا، و اهتم بالتنمية الداخلية للبلاد، و زاد من تأسيس المدارس و ابتعاث النابغين، و بالتالي ارتفعت البلاد برفعة أبنائها.
ظهرت نتائج تلك النهضة في عصور من تلوه ممن حكموا مصر، و زادت وتيرة تلك النهضة في عصر الخديو إسماعيل، باني القاهرة الحديثة، فظهرت الحركات الإصلاحية و الجرائد و المجلات و الجمعيات و انتشر الوعي بطول البلاد و عرضها، إلى أن وقعت مصر تحت إحتلال بريطانيا بخيانة أحد حكامها – الخديو توفيق – الذي احتمى بالبريطانيين و أوقع البلاد في أسر من لا يحبون لنا خيراً أو تقدما.
أوقف الإحتلال كل مظاهر التقدم و التعلم، و وضع قواته الثقافية و العسكرية لتغريب البلاد و نزع جذورها الدينية و اللغوية و الثقافية، و أوقف التعليم الأساسي باللغة العربية و قصره على الإنجليزية وحدها، … لكن لأن البلاد كانت ذات مناعة ثقافية عفية و لم تكن بالضرورة كاملة، كان من تعلموا في العصور السابقة على أهبة الإستعداد لكي يذودوا عمّا تأسسوا عليه و عرفوا أنه الحق، لأنهم تعلموا العلم كما يجب أن يكون، و كانت هناك جولات و صولات كان النصر فيها إما إلى فريق الإحتلال الذي وجد له أنصارا بين أهل البلاد، و إما إلى الوطنيين.
۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞
لم يكن أنصار الإحتلال إلا أبناءً لهذه الأرض، لكن عقولهم أضحت فريسةً لتغريبٍ تدريجي و طويل المدى، و في نفس الوقت نتيجةً لتصلب البعض من رواد النهضة في ذلك القرن، مما دفع أولئك الأنصار لإتخاذ النموذج الغربي المرن نمطاً يُحتَذَى به في كل مجالات الحياة و نبذ كل ما هو إسلامي أو عربي أو شرقي، لأنه – حسب دعواهم – يجرنا إلى الخلف، في حين أن الآخر يدعوك إلى التقدم !
عندما طالب الخديو إسماعيل، رائد التنوير رفاعه رافع الطهطاوي بعصرنة قوانين الشريعة و وضعها في قوالب مفهومة و سهلة التناول – و هذا ما فعله الفقيه الخامس عبد الرزاق السنهوري باشا بعد ذلك بقرن تقريبا – لأن الأجانب من المحامين يجدون صعوبةً في معرفة القواعد القانونية الشرعية و التي كان يتم التعامل و الحكم بها في محاكم مصر حتى أواسط القرن التاسع عشر، و إلا سيضطر إلى إدخال قوانين نابوليون الفرنسية إلى البلاد و استبدالها بالقوانين الشرعية، أجابه الطهطاوي أنه لن يفعل شيئاً يمس الشريعة، لأنه طوال عمره كان مسلماً و حج البيت و لا يرضى أنه في نهاية عمره أن يموت كافرا …!!!
هكذا إذن كان الباب الذي دخلت منه القوانين الغربية السارية حتى الآن، و المتناقضه مع الكثير من قوانين الشريعة الإسلامية.
۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞
و ظلت المعركة دائرة حتى الحرب العالمية الأولى، و ما تلاها أثناء ثورة 1919 الشعبية، التي أتت بحزب الوفد كقوةٍ شعبية لا يضاهيها أحد، و ما تلا ذلك من حِراكٍ فكري و سياسيٍ كبير، أعطى للحياة الثقافية المصرية دفعةً إلى الأمام.
في عشرينات القرن العشرين، وقعت حوادثٌ كبرى غيرت من وجه الدولة المصرية إلى حدٍ كبير، ففيها أُعلِنت مصر مملكةً مستقلة، و أصبح حاكمها ملكاً، و أُلغيت الخلافة العثمانية في تركيا على يد أتاتورك، مما أشعل معركة من أجل وراثة تلك الخلافة في مصر و العراق، و ظهور كتاب الشيخ على عبد الرازق “الخلافة و أصول الحكم” و كتاب طه حسين “الشعر الجاهلي”، و الجدل الكبير الذي صاحبهما، و مقتل السير لي ستاك في السودان، و انسحاب الجيش المصري من هناك، و ظهور الإذاعات الأهلية، و إزدياد أعداد طلبة جامعة القاهرة … و ظلت البلاد عفيه، لا ينالها سوء.
و أتت حقبة الثلاثينات، و مات فؤاد الأول، أول ملك على عرش مصر الحديثة، و وُقِعَت معاهدة 1936، و أتى فاروق الأول – و الأخير، و اندلعت الحرب العالمية الثانية، و وقفت مصر على الحياد تحت سيطرة عسكرية بريطانية صلفة، أثمرت حادثاً شهيراً في تاريخنا، 4 فبراير 1942، و نشطت التنظيمات السرية، و ما صاحبها من حركة المقاومة المسلحة ضد الإحتلال في قناة السويس، و ضد الحكومة المصرية ذاتها، في بعض الأحيان، و ظلت البلاد مثمرة ثقافياً و دينياً و بشريا.
ثم أتت حرب فلسطين، و ازداد الغضب في الشارع المصري من نتائج تلك الحرب البائسة، و ما تلاها من أحداث، نعيش نتائجه اليوم، لحظةً بلحظة، و بدأت الخمسينات مع زيادة المقاومة المسلحة في منطقة القناة، و اضطراب مؤسسة الحكم في مصر، و حريق القاهرة، حتى أتى انقلاب 23 يوليو 1952 …
و معه انقلبت معايير البلاد.
۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞
يصف الكثيرون مرحلة الستينات بأنها كانت العصر الذهبي لكل مجالات الحياة في مصر، التعليم و الصحة و الأدب و العلوم و الفنون و السياسة … إلخ، لكنهم لا يدركون حقيقة أن ما كان في هذا العِقْد إنما كان حصاداً لما تم زرعه في " العهد البائد " كما كان يسميه حكام المحروسة آنذاك.
أزعُم أني على صواب حين أقول أن اللبنة الأولى في أي نهضه هي التعليم، و الصحه، و قبلهما تجيء حريات المواطن الأساسية، التعبير و الإنتخاب و الحركة … إلخ، و حين أنظر لمرحلة العهد الملكي كانت تلك الحريات موجودة، لكن أغلب الشعب كان يرزح تحت وطأة الفقر المُدقِع، و التعليم على نطاق محدود، لكن مع هذا كان نتاج تلك المرحلة المتواضعة مذهلاً في الستينات، حينما تبرعمت بذور ما قبل الإنقلاب.
لكن عهد “الثورة” كان منقلبا على ذاته، فأنشأ مسوخاً و أطلقها في كل نواحي البلاد، فأكثروا فيها الفساد، فصبَّ علينا المولى عزَّ و جلَّ سوط عذاب 5 يونيو 1967 …
و فقدنا وقتها قوتنا الناعمة …
۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞
أكثر ما يخيفني هو ما سنجنيه في المستقبل جراء المرحلة المظلمة التي تعيشها مصر الآن، فإن كان من تلقى هزيمة 1967 هو الجيل الذي تربى بين عهدي الملكية و الجمهورية و الذي وصفه العالم الكبير د. فاروق الباز – و كان يصف جيله هو – بالفشل في تحقيق أمانيه و تطلعاته، فالجيل الذي تربى بين الهزيمة و سلام السادات-بيجين يبدو أنه أكثر فشلا، أما الجيل الذي تربى خلال الربع قرنٍ المنصرم، فسيكون هو جيل الفشل المُطلَق.
۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞
في يوم الجمعة الماضي 14 مايو 2010، وقعت أربعة من دول حوض النيل على اتفاقية تنص على تقاسم مياه النيل بشكلٍ عادل، و هذه الدول هي إثيوبيا، بوروندي، أوغنده، و تنزانيا، و منحت باقي دول الحوض مهلة لمدة سنة للتوقيع عليها.
مصر تأخذ 55 مليار متر مكعب سنويا، و السودان 18.7 ملياراً آخرين، و هما دولتا المصب، و لهما الحق في الإعتراض على أي مشاريع ريّ على النهر بإمكانها أن تؤثر على حصتيهما.
وقع المحظور، أصبح شريان حياة البلاد مهددا، و إن جدت أمورٌ أخرى، و سَتَجِّد بالتأكيد، فما العمل ؟…
هل ألمح يداً من أيادِ “الصديق” الإسرائيلي ؟… ربما.
هذه نتيجة من نتائج واقعنا المُرّ …
عسى أن يبقى من ماء النيل شيئاً ليخفف مرارته.
۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞
اهتم يهودا القلعي Yehuda Alkalai في أواخر أيامه – و هو أول يهودي نادى عام 1834 بانشاء دولة لليهود على أرض فلسطين في كتابه "اسمعي يا إسرائيل " - على إحياء اللغة العبرية وتوحيد استعمالها لأنه على حد تعبيره "لن يكتب البقاء والاستمرار لأية أمة دون وجود لغة مشتركة لديها.. " - وانطلاقا من هذا الموقف قام بوضع كتاب لتدريس اللغة العبرية وقواعدها، وفي عام 1874 هاجر القلعي إلى القدس حيث بقي هناك حتى وفاته عام 1878 م.(1)
كما أصر بيريتز سمولينسكين Peretz Smoolenskin على أنه "بدون العبرية فلا وجود لتوراة وبدون توراة لا وجود لشعب إسرائيل." ، و بالرغم من دعوته لإحياء اللغة العبرية إلا أنه اشترط أن "لا يحل حب اللغة مكان حب الوطن." ، فدور اللغة هو غرس "حب الوطن في قلب أخوتنا."
و لهذا دعا إلى تشكيل جمعيات تستطيع الأخذ على عاتقها دراسة و تدريس اللغة العبرية و تقديم العون لكل من يريد دراسة هذه اللغة، كما دعا إلى تأسيس مدارس لتدريب المعلمين و الحاخامات و حثهم على إدخال مفاهيم حياتية جديدة لدى الأجيال النامية عن طريق تعليمهم العبرية و تنمية شعورهم القومي و تعميق إخلاصهم لتراثهم و تقاليدهم.(2)
و عَبَّرَ أليعازر بن يهودا Eliezer Ben Yehuda عن المفهوم القومي لديه بقوله: "هناك ثلاثة أشياء محفورة بأحرف من نار على راية القومية: بلاد، ولغة قومية، وثقافة قومية" ، و قد انصبت معظم جهوده على إحياء اللغة العبرية لتحويلها من مجرد لغة مكتوبة تستعمل لأهداف دينية وعلميه، إلى لغة منطوقة تستعمل في الحياة اليومية، و تصبح بالتالي "لغة اليهود القومية".
قال بن يهودا أيضاً عن اللغة العبرية أنها "لغتنا القومية... وقد أخطأ آباؤنا باستبدالهم لغتنا بلغات أخرى … إن بعث اللغة سيكون بمثابة إشارة إلى أن بعث الأمة لن يتأخر" ، و قد اعتبر أن التشتت نتيجة طبيعية لعدم توفر لغة موحدة "فاضطراب الألسنة" أدى إلى تشتت اليهود في شتى أرجاء الأرض.
ثم أضاف بعد ذلك قائلا إنه طالما أن اضطراب الألسنة قد أدى إلى التشتت فإن إحياء اللغة الموحدة و بعثها يؤدى إلى إعادة التجمع و التوحد، و قد بين أن من أهداف إحياء العبرية أيضا حماية اليهود من خطر الإندماج نتيجة استعمالهم لغات محلية وطنية و خاصة لغة اليديش، و مما بينه أيضا أن العبرية - لغة التوراة - توفر للكتاب والروائيين ثروة خصبة من الصور و الشخصيات التاريخية "كالإقدام و الشجاعة" و المحاربين و المقاتلين و "رجال العمل المواظبين" بهدف إتلاف صورة اليهود التقليدية، بما تتضمنه من مكر و بؤس و خداع.
و مضى في أعقاب هجرته إلى القدس على العمل جاهدا لإحياء اللغة العبرية و تطويرها، فأخذ في تحديث اللغة و إثرائها بالمفردات اللازمة، و ذلك كي تتمكن من تلبية احتياجات ظروف الحياة المعاصرة، و وجد أن أفضل الحلول هو وضع قاموس شامل للعبرية يكون مرجعاً لمن يريد تعلمها ودراستها، و قد أمضى بن يهودا مدة تزيد على الأربعين عاماً و هو يعمل على إخراج هذا "القاموس العبري القديم و الحديث" ، معتمداً في ذلك على دراسته للتلمود و الكتب و المخطوطات العبرية بالإضافة إلى اللغة العربية، و صدر من هذا القاموس 17 مجلدا، كان منها 5 مجلدات في حياته و قبل وفاته.
تمكن بن يهودا بعمله المتواصل من المساهمة بشكل رئيسي في إحياء اللغة العبرية و تحديثها بشكل أصبحت معه اللغة المنطوقة بالنسبة لغالبية المهاجرين اليهود الذين وفدوا لإستعمار فلسطين و استيطانها.(3)
۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞
ثلاث شخصيات آمنت بقضية، و حاربت لنصرتها – على الرغم من بطلانها – و هذا يذكرني بالفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حين قال "اللهم إني أعوذ بك من جَلَدِ الكافِرِ و عَجز الثِقة." ، أي مثابرة و إصرار أصحاب الأفكار الباطلة، و كسل و تباطؤ أصحاب الأفكار و المعتقدات الصحيحة.
ثلاث شخصيات، بدونهم لم تكن اللغة العبرية سوى سراً من أسرار المعابد و الكُـنُـس اليهودية، لكنهم نفضوا عنها غبار الزمان، و بعثوها من مواتٍ محتوم، لتكون حجراً من أُسُس دولة الإحتلال الإسرائيلي، يتحدث بها خمسة ملايين صهيوني على أرض فلسطين المحتلة.
۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞
في الوقت الذي تحافظ فيه فرنسا على لغتها، و تحارب تشويهها و تفرضها فرضاً على أرضها، و تقوم بإنشاء المنظمات – كالفرانكفون – لتجمع الدول التي تتحدث الفرنسية كمستعمراتها السابقة في غرب أفريقيا، و دول أخرى لا تتحدث الفرنسية و لم تكن من مستعمرات فرنسا الإمبريالية، كمصر على سبيل المثال.
في الوقت الذي تتحد فيه الأقاليم و الدول الصغيرة مع بعضها لتكون التكتلات لكي تصنع لنفسها مكاناً تحت الشمس، نجد أن هناك من يحاول تفتيت هذه الأمة، و تكسير هيكلها العظمي، و تمزيق قلبها بدعوى الوطنية، و الخصوصية اللغوية و الحضارية، و هذا هو الحقٌ الذي أُرِيِدَ به الباطل.
بدون اللغة و الإعتقاد و الهدف من الوجود، تفقد الأمة إتجاهها، فالبوصلة معطلة، و القبطان أصابه العته، فتترنح سفينة الأمة في كل الإتجاهات، في انتظار من يوجه لها الضربة القاضية، و أقرب مثال لنا في التاريخ الحديث هو تركيا العثمانية حين كانت داراً للخلافة الإسلامية.
۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞
في وقتنا هذا، يقوم أشخاصٌ لا ندري ما هي نواياهم الحقيقية، بتغذية و إنشاء ما أطلقوا عليه "ويكيپيديا مصري" - لاحظ أنهم كتبوا الباء في ويكيبيديا باءً فارسية( پ ) لا توجد في الأساس في اللغة العربية التي يستعملون حروفها لكتابة لغتهم المزعومة، أي أنهم يدّعون وجود لغة مصرية خالصة و يستوردون حروفاً من لغاتٍ أخرى ليُعبروا بها عن أنفسهم - و كتابة مقالات عقيمة مقطوعة و غير مسندة، و بعامّية مصرية غير راقيه، و يدّعون أنها لغة مستقلة، و لها قواعد مختلفة عن اللغة العربية أو أي لغةٍ أخرى !
بل يحاولون كتابتها بحروف لاتينية، و وضع قواعد لنطقها، و أماكن الضغط و الترقيق، و إيجاد طريقه لكتابتها بأسرع مما تُكتَب بالحروف العربية !
هل يحاول هؤلاء القوم أن يسيروا على طريق الهالك مصطفى كمال أتاتورك، عندما قام بحملة لتغريب تركيا، و سلخها عن ماضيها القريب، و عن محيطها الإسلامي !؟
ربما …
في صدر صفحة البداية بهذا الموقع المسخ، نجد صورة لخريطة تضم جنوب أوروبا و غرب آسيا و شمال أفريقيا، و خريطة مصر ملونة باللون الأحمر القاني في وسط تلك الخريطة !
۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞
هل لكم أن تتخيلوا مصر معزولة عن محيطها الجغرافي و اللغوي و الثقافي ؟
- ستكون بالتأكيد فريسةً سهلةً لأي معتدٍ عليها – و على مر التاريخ كان العدوان غالباً ما يأتي من الشرق، و كلنا نعلم أن الجار الشرقي لمصر الآن هو إسرائيل - و ستكون البلاد بدون أي عمق استراتيجي للدفاع عن وادي النيل الهش و الممتد بطول مصر، و كما نعلم جميعاً، فمصر أساساً هي وادي النيل و الدلتا، و قد عرف القادة المصريون تلك الحقيقة منذ القِدَم، و أن خط الدفاع الأول عن مصر هو الشام، أي سوريا و فلسطين و الأردن و لبنان، و تتوالى الخطوط على طول المسافة إلى مصر إلى أن نصل إلى الخط ما قبل الأخير و هو خط الممرات، ثم قناة السويس، و بعدها تجد البلاد مكشوفة تماماً، عاريةً من أية خطوط دفاعية، … هذا من الناحية العسكرية.
- ستكون مصر تحت رحمة أي تهديد لمنابع النيل، فكما رأينا سابقاً أن مصر هي وادي النيل، فبالتالي من يهدد جريان نهر النيل إلى مصر، فهو يهدد وجود البلاد من الأساس، فإن انعزلت مصر عن أفريقيا عموماً و السودان خصوصاً، و ادعت أن مصر لها خصوصية لغوية و شخصية مستقلة و إلى آخر هذا الهراء، فستكون أسهل ما تكون ضد أي تهديد.
- تاريخياً، مصر هي صخرة الدفاع عن المنطقة، عسكرياً، دينياً، و ثقافياً، فإن هوت، هوى معها محيطها كله، فمصر متوحدةً مع الشام و الحجاز قادت المنطقة ضد الصليبيين و كسرت شوكتهم بقيادة صلاح الدين يوسف بن أيوب رحمه الله، و متوحدةً مع الشام و الحجاز أيضاً كسرت موجة التدمير المغولية التي ما رحمت بلداً دخلته، بقيادة قطز رحمه الله.
- أما دينياً و ثقافياً، فكما قيل قديماً أن القرآن أُنزِل على الرسول الكريم صلى الله عليه و سلم بالحجاز، فقد قُرِيء و رُتِل و جُوِّد بمصر، و كانت من منارات العلم في عهد الفاطميين العُبيديين، و حفظت مصر تراث الإسلام و العرب بعد غزو المغول لبغداد، و تدمير مركز الخلافة العباسية، كما حفظت تراث الإسلام في الأندلس، بعد موجات هجرة الأندلسيين الفارين من اضطهاد صليبيي غرب أوروبا.
فإن لم تكن مصر حاضنةً لما حولها من أقطار، فلن يطول الأمر حتى تفنى هي شخصياً، و تُجتَث من الأساس.
و لا يعني هذا أن تكون هي العائل و المضحي، لأن العلاقه ستتحول حينها إلى علاقة طفيلية، و ستكون تلك الأقطار كالبلهارسيا في جسد الإنسان تماماً، بل إن العلاقة المثلى بين مصر و محيطها هي علاقة تبادل منافع، فكما تملك مصر كل مقومات الدولة منذ عصور ما قبل الأسرات، من بشر و حكومة مركزية و نظام متبع، و ثروات طبيعية، تتفاوت في محدوديتها و وفرتها، تملك باقي الأقطار من حولها مقومات أخرى، إن تكاملت مع بعضها، ستكون قوةً لا تُبَارَى في أي مجال.
۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞
أعود لمحرري المسخ "ويكيپيديا مصري" اللذين يدّعون إدعاءاتٍ باطلة، لا ينخدع بها إلا كلّ ذيّ عقلٍ ضعيف.
من إدعاءاتهم الباطلة :
"بعد غزو العرب لمصر فى سنة 641 م ابتدا العرب فى فرض لغتهم و مضايقة المصريين اللى بيتكلمو بالقبطى و وصل فى بعض الأوقات فى مناطق معينه لـ قطع لسان اي واحد مصرى بيتكلم قبطي ( المفتري الكاذب، لو كان هذا صحيحاً لما ظلت في العراق لغة كردية، أو أمازيغية في الجزائر ) و زاد الضغط على المصريين بعد تعريب الدواوين وبقت من شروط التعيين فى اى شغلانه في الدواوين (الوزارات دلوقتي) هو الكلام باللغة العربى. و لمدة تلات قرون بعد الغزو ( المفتري الكاذب ) كان فيه ازدواجيه لغويه في مصر بين القبطي و العربي. الازدواجية دي فضلت في الصعيد لمدة طويلة جداً بيقدرها بعض العلما لحد القرن ال17 وخصوصا بين الفلاحين وبين الستات اكتر من الرجالة. المصري يمكن يكون إبتدا في الفسطاط, اول عاصمة اسلامية لمصر. الحاكم بأمر الله حرم استخدام "القبطي" حتى فى صلاة المسيحيين"
خيال أخر من خيالاتهم :
"أولاً, الحروف القبطى كانت مستوحاه من الحروف اليونانى بس مع تزويد ست حروف من الديموتيكى-المصرى.
توحيد شكل حروف اللغه اليونانى و القبطى, و اللغه المصرى لو إتكتب بـ اليونانى, حاجه عاديه
لو كتبنا بـ الحروف اليونانى, ممكن يبقى بعد عن تأثير لغات, زى الإنجليزى و الفرنساوى. لإن اللغه اليونانية دلوقتى مالهاش تأثير على المصرى.
و كمان كتابة المصرى بـاليونانى مش آخر المطاف. ممكن تكون طريقه مبدأيه اننا بعدين نخترع الحروف المصريه من الهيراتيكى و الديموتيكى-المصرى"( يريد أن يرجع بعجلة الزمان إلى الوراء، أظن أن نياتهم قد اتضحت، هؤلاء المخابيل بالتأكيد ليسوا مسلمين، فكيف يتخلى مسلم عن الحرف العربي الذي أُنزِل به القرآن الكريم؟ و إن استعمل المصري المسلم حرفاً أخر في الكتابة، فبالتأكيد سينسى لغة القرآن، و بالتالي لن يكون له اتصال به، أي أنه سيكون مسلماً لا يعرف كيف يقرأ القرآن، و إن عرف كيف يقرأه، فلن يفهمه، كمسلمي جنوب و جنوب شرق و وسط آسيا )
و أكبر خزعبلاتهم على الإطلاق
سابت الحمله الفرنساويه تاثير مهم على مصر والمصريين .
فكان صحيان الانتماء المصرى عند المصريين اللى حاول العرب يلغوه من اول لما احتلو مصر و اختارو محمد على لانهم حبوه و حسو فيه الاخلاص , فموقف المصريين مع محمد على خلى محمد على يشيل ده للمصريين و اشتغل باخلاص و ضمير لما بقى حاكم على مصر. ( فعلاً محمد علي حمل الجميل على كتفيه و ألقاه من النافذة المجاورة له بمجرد أن خرج أخر المدعوين، لقد نفى محمد على أقطاب الحركة الوطنية التي رفعته على العرش إلى أقاصي البلاد، كما فعل مع عمر مكرم حين نفاه إلى دمياط، و عندما أسس جيشه كانت نواته الأولى من الجراكسه، لكنه أحس بالقلق حيالهم، فتخلص منهم و أتى بالسودانيين، لكنهم تمردوا عليه، فاضطر أخيراً إلى أن يلجأ إلى المصريين، و هذا هو "الجميل" الذي يذكره المحرر المخبول.)
ييجى بعديه انجازات تانيه مهمه جدا فى حياة مصر و المصريين .
واللى خلى مصر بعد كده يبقى فيها سياحة اثار . ( بكل بساطه، لأن الفرنسيين احتلوا البلاد لثلاث سنوات، أصبحت البلاد بها سياحه و آثار بفضل احتلالهم ! )
يقولون أن المصريين لهم لغتهم الخاصة بهم، و التي تختلف إختلافاً تاماً عن اللغة العربية التي فرضها العرب "الغزاة" على المصريين، و جرموا التحدث باللغة القبطية، لدرجة وصلت إلى قطع لسان أي قبطي يتحدث بتلك اللغة !
و يزعمون وجود كلمات لا توجد بالعربية على الإطلاق، و توجد بشكل حصري في اللغة الوهمية خاصتهم مثل:
( إدّي/يـِدّي ) و معناها في الفصحى ( يؤدّي، أدّى ) و أحياناً تُنطق و تُكتب بدون الهمزة على الواو ( يودي )
( عبيط ) و معناها في الفصحى ( لزج أو ثقيل )
۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞
المصريون ليسوا جنساً خاصاً و نقيا، فمصر تعرضت لموجات متتالية من الغزوات منذ عصر الإضمحلال الأول حين غزاها الهكسوس، مروراً بالفُرس و الكوشيين و اللوبيين و شعوب البحر و الإغريق و الرومان، و الفتح الإسلامي العربي – يسميه بعض محرري ويكيبيديا مصري بالغزو – ثم صليبيي أوروبا، و فترات حكم المماليك و العثمانيين بما فيها من جراكسه و صقالبه و أتراك، ثم الإحتلال البريطاني عام 1882 و الذي انتهى عام 1956، فمن يدّعي وجود عنصر مصري خالص و له لغة خاصة به، يكون على أحسن الأحوال حالماً إن لم يكن مخبولا.
و على هذا الأساس، فإن فكرة وجود لغة قديمة مازالت حية و متداولة على نطاقٍ واسع، هي محض هراء، فلا وجود لتلك اللغة، و لا وجود لذلك العنصر النقي، لأن المصريون الآن عبارة عن خليط من كافة شعوب الأرض، تجد فيهم من يشبه الأفارقة في لون البشرة و الملامح، و منهم من يشبه الأسيويين، و منهم من يبدو كما لو كان أوروبيا، و منهم من يشبه عرب الجزيرة العربية في الملامح، و منهم من يحمل خليطاً من كل هؤلاء …
فأين هو النقاء العرقي الذي يدعي محرري ويكيبديا وجوده في شعب مصر؟ ، بهذا الشكل يكونون مثل الصهاينة في أساطيرهم القائلة بوجود شعب يهودي نقي، أو كما كان يقول النازيون بوجود عنصر آري نقي.
أما اللهجة المصرية، فهي نتاج خلط العديد من اللغات مع أساس متين من اللغة العربية، و أنا أزعم أنه لو كانت هناك لغة مصرية خاصة، لما تردد أهل مصر في تدوين تراثهم الشفهي و المقروء بها، لكنها إدعاءات لا أساس لها من الصحة، فاللهجه المصرية دخلت عليها ألفاظ من كافة لغات الأرض، فارسية و تركية، إيطالية و إسبانية، أمازيغية و نوبية، فرنسية و إنجليزية، سريانية و أرامية(4)، بالإضافة إلى ألفاظ قديمة متوارثة من اللغة المصرية القديمة التي توقف تطورها عند اللغة القبطية التي تستخدم في الشعائر الكهنوتية عند نصارى كنيسة الأسكندرية.
- ثانياً:
لم يجبر المسلمون العرب أياً من سكان البلاد التي فتحوها على إعتناق الدين،
" لَآ إِكْرَاهَ فِي الدِينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ " سورة البقرة-256
" لَكُمْ دِينُكُمْ وَ لِيَ دِيِن " سورة الكافرون-6
فكيف يجبروهم على التحدث باللغة العربية !؟
و ما هو المصدر الذي استند إليه محرر الويكيبيديا الهمام في إدعائه القائل بأن العرب كانوا يقطعون لسان أي متحدثٍ بالقبطية؟
بالطبع لا توجد مصادر لمعلوماتهم التاريخية المُختَلَقة.
۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞
في بدايات القرن العشرين، انطلقت في الصحف المصرية دعاوى بضرورة الرجوع إلى اللغة المصرية القديمة ( الهيروغليفية ) و إحيائها، و صوحبت تلك الدعاوى بإدعاءات مضحكة و هزلية و لا يمكن على الإطلاق أخذها مأخذ الجد، بأن مصر فرعونية، و ليست عربية !.
في نفس الوقت بالشام، ظهرت صيحات تقول بفينيقية لبنان و مسيحيته، و أنه ليس عربياً على الإطلاق !
أيضاً نفس تلك الدعوات كنت تجد مثيلاتها في المغرب و تونس، التي كانت تقول ب"بربرية" تلك البلاد – أي أنها في الأصل لسكانها الأمازيغ !
أجدني أتذكر ذلك الهراء و أنا أقرأ هزليات محرري ويكيپيديا مصري عن ضرورة وجود لغة لكل بلد بالمنطقة، فعندما أذهب إلى الشام مثلاً، لكي أتواصل مع الناس هناك، فعليّ بتعلم الشامية، و إن ذهبت إلى السودان، فعليّ أن أتعلم السودانية لكي أفهم ما يدور من حولي !
الخطير في الموضوع، هو وجود قنوات فضائية كقناة OTV المملوكة لنجيب ساويرس – المنادي بعلمانية الدولة - لا تعرف شيئاً إسمه اللغة العربية، تنويهات البرامج و الأفلام بالعامية، ترجمات الأفلام و المسلسلات الأجنبية بالعامية، التعليقات على الأحداث الجارية، أو أخبار الطقس كلها بالعامية، كلما حولت على تلك القناة أحس بالغثيان و القرف مما تبثه من مواد إعلامية.
شركات المحمول في مصر، موبينيل المملوكة لساويرس، و فودافون البريطانية، و إتصالات الإماراتية، كلها تتنافس في الإنحدار بمستوى اللغة العربية، في الإعلانات، و رسائل الإنتظار أو عدم وجود شبكة تغطية … إلخ.
الإعلانات الضخمة في الشوارع، و التي تراها أينما وليت وجهك، تطاردك بعباراتها الرديئة، و أسلوبها الذي – و إن كان مبتكراً – فإنه بركاكة اللغة لا يكون كاملا.
أسلوب الحوار بين الناس يتأثر بما يشاهدونه في التليفزيون و الفضائيات، التي أصبحت تتنافس فيما بينها فيما تبثه من مواد رديئة المحتوى، فارغة المضمون، و ينعكس ذلك بالسلب على رقي الحوار العادي في المجتمع، و ينشأ تبعاً لذلك جيل مشوه اللغه، ممسوخ التوجه، مناعته الثقافيه ضعيفه.
الخلاصة لديّ أن هؤلاء الناس لا يريدون خيراً لمصر، و يكرهون العربية الفصحى، و يكرهون الإسلام، حتى و إن أظهروا خلاف ذلك.
و أجد أن علي أن أقول في النهاية، أن مصر دولة إسلامية عربية ذات تراث فرعوني – إغريقي – روماني – قبطي، يعيش فيها سكانها من مسلمين و نصارى في تلاحمٍ مستمر ضد الأهداف الأجنبية من تفتيت البلاد و إضعافها، و من أهداف الدولة المصرية – كما جاء في الدستور – هو الوحدة العربية، فكيف ستتحقق هذه الوحدة – و دعك من كل الخلافات البينية الحالية – بدون لغةٍ واحدة !
۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞
لقد قال المولى عزَّ و جلّ في كتابه الكريم " إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ " سورة الحِجْر-9
أيّ أن الله تعالى سيحفظ القرآن الكريم لفظاً و لغةً و رسما، لكننا مسؤولون عمَّا فعلناه، إن كان في صالح اللغة، أم كان هلساً و رقاعه ؟ ___________________________________________________
___________________________________________________
(1) مشاريع الإستيطان البهودي منذ قيام الثورة الفرنسية حتى الحرب العالمية الأولى، د. أمين عبد الله محمود، الكويت، فبراير 1984، صـ52
(2) المصدر نفسه، صـ89 و صـ90
(3) المصدر نفسه، صـ96 و صـ97
(4) هناك من يقول أن الأرامية هي نفسها لهجة عربية مندثرة، منحدرة من النبطية التي سادت بين القبائل في الصحراء السورية بالشام، استناداً على أن الباء و الميم تتبادلان الموقع في الكلمة نفسها، و العين أحياناً ما كانت تُنطق كالألف فتكون الأرامية=الأرابية= العربية، و أبسط الأمثلة على ذلك قوله تعالى " للذي ببكة مباركاً " حيث كانت بكة إسماً من الأسماء العديدة لمكة المكرمة.
اللواء محمد نجيب أول و آخر رؤساء مصر المحترمين
يوافق يوم 18 يونيو من كل عام ذكرى كلٍ من إعلان الجمهورية في مصر عام 1953، و جلاء آخر جندي بريطاني من قاعدة قناة السويس عام 1956.
ذلك التاريخ يجهله أغلب شعب مصر، فإن سألت واحداً عنه، فلن يعرفه، لماذا؟ … ليس لأنه لا أهمية له، بل لأنه ليس أجازة رسمية تتعطل فيها المصالح الحكومية.
نعم المناسبات التاريخية في مصر تظل حية ترزق طالما كانت أجازة، و لا شيء غير هذا يبقيها حية.
أهم هذين الحدثين في رأيي المتواضع هو تغيير نظام الحكم بعد إنقلاب يوليو 1952، من ملكي متوارث منذ العهود الغابرة التي سبقت ما هو معلوم لدينا من مينا نارمر موحد القطرين، حتى الأسرة العلوية – نسبةً إلى محمد علي باشا – التي كان آخر ملوكها على عرش المحروسة هو الملك أحمد فؤاد الثاني، نجل الملك فاروق الأول، إلى جمهوري يتداول المصريون – نظرياً – الحكم فيه.
ففي هذا اليوم، الثامن عشر من يونيو من عام 1953 أعلن اللواء محمد نجيب إلغاء الملكية و إقامة النظام الجمهوري، الذي لم تُحدد ملامحه إلا بعد أزمة فبراير - مارس 1954 ، حينما بدأ التشوه يغزو وجه مصر، و بدأ الإستبداد ينشب أظافره في جسدها.
إليكم نص إعلان الجمهورية :
نص إعلان الجمهورية – و الأحمر من عندي :
إعلان دستوري
من مجلس قيادة الثورة
بسم الله الرحمن الرحيم
لما كانت الثورة عند قيامها تستهدف القضاء على الإستعمار و أعوانه ( رجعوا مرةً أخرى ) فقد بادرت في 26 يوليه 1952 إلى مطالبة الملك السابق فاروق بالتنازل عن العرش لأنه كان يمثل حجر الزاوية الذي يستند إليه الإستعمار. ( و مبارك هو حجر الزاوية التي يستند عليها الصهاينة و الأمريكان)
و لكن منذ هذا التاريخ و منذ إلغاء الأحزاب وجدت بعض العناصر الرجعية فرصة حياتها و وجودها مستمدة من النظام الملكي الذي أجمعت الأمة ( عن أيّ أمة نتحدث هنا ؟ ) على المطالبة بالقضاء عليه قضاء لا رجعة فيه.
و أن تاريخ أسرة محمد علي في مصر كان سلسلة من الخيانات التي ارتكبت في حق هذا الشعب ( و تاريخ حكم عصبة الثوار أسود و ألعن و أضل سبيلا ) و كان من أولى هذه الخيانات إغراق إسماعيل في ملذاته و إغراق البلاد بالتالي في ديون عرضت سمعتها و ماليتها للخراب ( كانت بريطانيا مدينة لمصر بما يزيد عن خمسين مليون جنيه استرليني بمقاييس ذلك الزمن عند جلائها عن مصر عام 1956، و أفقرها السيد عبد الناصر بحروبه المتتالية في كل مكان، أما الآن فوزير المالية أو الإقتصاد أو أياً كان مسماه، فيخرب إقتصاد البلاد كما لو كان عدواً لنا، و تكفل المحتكرون من أعضاء الحزب الوثني بالقضاء على ما تبقى منه ) حتى كان ذلك سببا تعللت به الدول الإستعمارية للنفوذ إلى أرض هذا الوادي الأمين، ثم جاء توفيق فأتم هذه الصورة من الخيانة السافرة في سبيل محافظته على عرشه ( و ها قد مات، فهل إنتفع بجلبه البريطانيين ليحافظ على عرشه الذي لم يأخذه معه إلى القبر !؟ بالطبع لا ) فدخلت جيوش الإحتلال أرض مصر لتحمي الغريب الجالس على العرش الذي استنجد بأعداء البلاد على أهلها ( و من الواضح أن الجالس حالياً على العرش، يحتمي بأعداء بلاده الرابضين على حدودنا الشرقية ) و بذا أصبح المستعمر و العرش في شركة تتبادل النفع، فهذا لذاك ، في نظير هذه المنفعة المتبادلة، فاستذل كل منهما باسم الآخر هذا الشعب و أصبح العرش هو الستار الذي يعمل من ورائه المستعمر ليستنزف أقوات الشعب و مقدراته و يقضي على كيانه و معنوياته و حرياته. ( أصبح السلام و الإستقرار و محاربة الإرهاب هي ذريعة النظام الحالي و سِتَارَهُ في بقاء الوضع كما هو عليه، و استذل الإثنان هذا الشعب الطيب و تَشَارَكا – النظام و الصهاينة - في شركة تتبادل النفع، كأن يقوم أعضاء من الحزب الوثني بأعمال تجارية مع إسرائيليين، بدعوى أن التجارة لا دين لها و لا جنسية، أما الحكومة فتصدر الغاز و البترول إلى إسرائيل، و تصدر إسرائيل لنا بالسلام، أما أقوات الشعب فمازالت مُستَنزفه، و مُقدراته ضائعه، و حريته مكبوته، و معنوياته في الحضيض. )
و قد فاق فاروق كل من سبقوه من هذه الشجرة فأثرى و فجر، و طغى و تجبر و كفر، ( و قد فاق من خلفوه في الحكم ثراءً و فجراً و تجبراً و طغياناَ، لكني لا أُكَفِرُ أحداً كما فعلوا ) فخط بنفسه نهايته و مصيره، فآن للبلاد أن تتحرر من كل أثر من آثار العبودية التي فرضت عليها نتيجة لهذه الأوضاع، فنعلن اليوم باسم الشعب :
أولا – الغاء النظام الملكي، و حكم أسرة محمد علي، مع الغاء الألقاب من أفراد هذه الأسرة.
ثانيا – إعلان الجمهورية و يتولى الرئيس اللواء " أركان الحرب " محمد نجيب قائد الثورة رياسة الجمهورية مع احتفاظه بسلطاته الحالية في ظل الدستور الموقت.
ثالثا – يستمر هذا النظام طوال فترة الانتقال و يكون للشعب الكلمة الأخيرة في تحديد نوع الجمهورية و اختيار شخص الرئيس عند اقرار الدستور الجديد.
فيجب علينا أن نثق في الله و في أنفسنا، و أن نحس بالعزة التي اختص الله بها عباده المؤمنين، و الله المستعان و الله ولي التوفيق.
القاهرة في 7 من شوال سنة 1372 ( 18 من يونيه 1953 ).
قائد الثورة لواء ا.ح. محمد نجيب
بكباشي ا.ح. جمال عبد الناصر
قائد جناح جمال سالم
قائد جناح عبد اللطيف البغدادي
بكباشي ا.ح. زكريا محي الدين
بكباشي أنور السادات
بكباشي حسين الشافعي
صاغ ا.ح. عبد الحكيم عامر
صاغ ا.ح. صلاح سالم
صاغ ا.ح. كمال الدين حسين
قائد أسراب حسن إبراهيم
صاغ خالد محي الدين
الآن على الورق، الإسم الرسمي للدولة هو جمهورية مصر العربية، لكن فعلياً و في الحقيقة، لم تقم الجمهورية قط، لأن جمال عبد الناصر اختطف السلطة من نجيب في مسرحية الخلاف حول الديمقراطية، و بعد تركيز كل الأضواء عليه بعد حادثة المنشية الشهيرة، تخلص من الإخوان المسلمين، و استأثر بالسلطة، و ماتت الجمهورية على يديه و هي مازالت تحبو.
********************
تعلمنا في المدارس أن أول رئيس لجمهورية مصر هو جمال عبد الناصر، و ثانيهم هو أنور السادات، و ثالثهم "…" حسني مبارك، و لم يَرِد أي ذكر عن محمد نجيب نهائياً، كأنه كان سراباً أو هواءَ، زوروا التاريخ، و قتلوا كرامة الإنسان، بحبسهم نجيب …، لم يكن الرجل سوى حالمٌ و متطلعٌ لمستقبلٍ أفضل لبلاده في الطريق الصحيح.
لكنهم – عصابة الإنقلاب – عندما ذاقوا حلاوة السلطة و قوتها، لم يستطيعوا تركها، و كيف و قد أصبحوا بين عشيةٍ و ضحاها حكام مصر، لم يروا غير أنهم سيدمرون أيّ عائق بينهم و بين السلطة، لكنهم تساقطوا الواحد تلو الآخر، بين يدي كبير الطامعين، جمال عبد الناصر.
و قد كان من بينهم من لم ترق له فكرة الحكم العسكري الدكتاتوري، و لكن بدرجات مختلفة، مثل يوسف صديق، خالد محي الدين.
********************
لكم كنت أتمنى أن يقوم نجيب بالقضاء على عبد الناصر و من يساندونه، فقد كان رئيس الدولة، و معه الشرعية الثورية ! و الناس تقف خلفه و تحبه، و كان بمقدوره أن يفعلها بعد عودته على أكتافهم، و معه سلاح الفرسان، و كان عبد الناصر و أتباعه في موقف الضعف حينئذ، لماذا لم يفعلها ؟ ساعتها كنا سنسير على طريق آخر غير الذي نسير عليه الآن، و لعله كان أفضل منه.
و الأغرب هي تلك المظاهرات المدفوعة التي تهتف بسقوط الديمقراطية، و إلغاء الأحزاب، بالطبع كان عبد الناصر و أعوانه وراءها – و لا يقولن أحدٌ أنه لم يكن على علمٍ بها، مثلما لم يكن يعلم شيئاً عن التعذيب !
لم يكتف عبد الناصر بالإطاحة بنجيب، لكنه حدد إقامته، و حبسه، حتى مات - أي عبد الناصر – و ظل الرجل يعيش في الظل إلى أن أخرجه السادات من محبسه عام 1974، لكنه ظل يتجاهل وجوده، و قُتِل السادات، و تولى مبارك الحكم و تُوُفيَ نجيب عام 1984، بعدما شهد سقوط سجانيه، و أُقيمت له جنازة عسكرية.
********************
عبد الناصر كانت تسيطر عليه فكرة العادل المستبد ( كالدائرة المربعة مثلاً )، و كان يرى أن الشعب لكي يتخلص من كل شوائب الحقبة الماضية، لابد و أن تتم الوصاية الكاملة عليه، من شخص هو أدرى و أعقل بما يدور من حوله، و يقوم بتوجيهه إلى ما هو أصلح له.
فألغى- باسم الشعب - الأحزاب، و عقد المحاكمات الصورية مثلما حدث لخميس و البقري في كفر الزيات، و اللذان حُكِم عليهما بالإعدام، و ذلك بعد شهرين فقط من وقوع الإنقلاب.
بعد أن أصبح الجو خالياً لعبد الناصر، و أتم البريطانيون جلائهم عن قاعدة السويس، و وضع دستوره الخاص – استن سنة سيئة اتبعها الكثير من الدكتاتوريون من بعده - فقد فاز بـ 99,999 % من أصوات المقترعين في أول الإستفتاءات، تفرغ لبناء البلاد و تحويل إقتصاد البلاد من الإعتماد على الزراعة، إلى الإقتصاد الصناعي، و دخل معركته الأولى مع البنك الدولي التي أدت لتأميم شركة قناة السويس، و التي أدت بدورها لعدوان بريطاني – فرنسي – إسرائيلي مشترك، خرج منه عبد الناصر أقوى سياسياً مما كان، و أصبح ذو شعبية كبيرة تمتد من إندونيسيا إلى كوبا، و سرعان ما وجد طريقه نحو الإنفراد التام بكل شيء، و أضحى التأميم عصاه التي يبطش بها، و أمم تقريباً كل الأنشطة التجارية على أرض مصر.
و بالطبع لكي يُحكِم السيطرة على كل منافذ التفكير و الكتابة، قام بتأميم الصحف، و قتل التعددية السياسية بإنشائه مسخاً غريباً يضم كل جموع الشعب و أسماه الإتحاد الإشتراكي، و ماتت فكرة الجمهورية البسيطة، التي يتم تداول السلطة فيها بطريقة سلمية و يُسمح فيها بتعدد الآراء، ماتت منذ أن استأثر بالسلطة و ركزها في يده.
أيضاً، لابد و أن نتذكر جميعاً كيف أمم الجامعة، و أفقدها إستقلاليتها، و حملات التطهير العشوائية التي طُرِد فيها كل الأساتذة و المفكرين اللذين لا تتفق أرائهم مع أراء مجلس قيادة الثورة، و أصبح معيار التعيين هو الثقة و ليس الكفاءة، و مازال هذا التقليد مستمراً حتى الآن، فلا يُعَيَن أي موظف في أيّ موقعٍ في الدولة إلا بعد موافقة الأمن عليه.
و لكي يضمن إحتواء الفكر الإسلامي كله تحت جناحيه، قام بتأميم الأزهر بحجة تطويره، و أصبح شيخ الأزهر مُعَيناً من قِبَل الرئيس نفسه، و فقد إستقلاليته، و بدأ يفقد الكثير من رصيده الكبير في العالم الإسلامي، و كم رأينا شيخ الأزهر الحالي و تصريحاته المثيرة للجدل، و كان آخرها عن مصافحته لأخبث خبثاء إسرائيل، المجرم شيمون بيريز، و كانت حجة شيخ الإسلام أنه لا يعرفه !!! و لا يعرف أيضاً أن غزة مُحَاصرة، و إن عَلِم فهي ليست مسؤليته، و علينا أن نسأل وزير الخارجية !
أيُّ عَبَثٍ هذا الذي نعيشه ؟
********************
في الجيش، درع الوطن و سيفه، تُرِكَ عبد الحكيم عامر يعيث فيه فساداً، و بالطبع القاعدة الأثيرة " الثقة و ليست الكفاءة " كانت هي الأساس، فأصبح عبد الحكيم عامر مشيراً، و معناها بالإنجليزية " Field Marshal " و لهذا حكاية طريفة، فقد زار الفيلد مارشال برنارد مونتجُمري مصر عام 1966 ، و عندما قابل عبد الحكيم عامر، تم تقديمه على أنه هو أيضاً فيلد مارشال، فسأل مونتجُمري متعجباً : لأي معركة …؟ ، لأن الإسم الكامل لرتبة مونتجُمري العسكرية هي"Field Marshal of Alamein"، فالطبيعي أن معركة العلمين التي انتصر فيها مونتجُمري، تمت ترقيته إلى رتبة مشير بناءً عليها، فما هي المعركة الكبيرة التي أبدع فيها عامر و انتصر ؟
لابد و أنها كانت في أحلام يقظته التي كسرت الجيش المصري في هجوم إسرائيل الخاطف على سيناء.
بالطبع هذه من أسوأ سيئات عبد الناصر التي طغت على حسناته، لأن الطغيان مهما كانت نواياه الحسنة، لا شفيع له في قهر الإنسان، و كبت حرياته التي كفلها الله عز و جل له في كتابه الكريم، و أقرها العالم الحديث في ميثاق حقوق الإنسان عام 1949، بعد نزول القرآن بقرون.
بالطبع كانت أعماله الأخرى مثل بناء السد العالي بمساعدة الإتحاد السوفييتي، و تصنيع مصر، و توزيع الأراضي على الفلاحين، و زيادة الرقعة الزراعية إلى أضعاف ما كانت منذ عهد محمد علي باشا، و تحقيق نوع من العدالة الإجتماعية بين طبقات الشعب المهمشة، من حسنات حكمه.
********************
و بعد وفاته استلم أنور السادات الحكم، و استمر النظام الجمهوري المشوه مستمرا، لكن السادات كان من محبي المظاهر الفارغة، فأعلن أن لا أحد فوق القانون، و أن دولته هي دولة قانون، و علم و إيمان، و أحرق شرائط التنصت على تليفونات الشعب، و سمح بإطلاق يد الإخوان المسلمين في الجامعات لمواجهة الطلبة الناصريين و الشيوعيين، و بعد حرب أكتوبر أراد أن ينفتح على العالم الخارجي، لكنه لم يُرِد أبداً أن يفقد سلطاته التي منحها له "الدستور"، و قام بإنشاء المنابر داخل مسخ الإتحاد الإشتراكي، ثم حولها لأحزاب، ثم سمح بمعارضة محسوبة لا تتعدى حدودها،لأنه كان شديد الغضب على من يعارضه، لأن من يعارضونه لابد و أن يُقَبِلوا أيديهم " وش و ظهر " على ما أعطاهم من حرية !
و قام بعملية السلام التي سار فيها على طريق منهار لا رجعة فيه، و قام بتعديل الدستور ليلغي تقييد فترة الرئاسة بفترتين، و يجعلها مفتوحة، و أبهر أعين الناس بجعل الإسلام دين الدولة الرسمي، و شرعنة القوانين في مصر، فانشغل الجميع عن التعديل الآثم.
لكنه لم يهنأ طويلاً بتعديله، لأن "أبناءه" اغتالوه في يوم العبور، و أتى من بعده مبارك، أطول من حكم مصر خلال المئة و الخمسين عاماً المنقضية، فقد استفاد من أخطاء سابقيه، و استفاد أيضاً من أعمالهم.
********************
جعل مبارك للدولة مظهراً من ذهب، يبرق فيخطف الأنظار من فرط جماله، لكن الباطن يتقلب في عفن القوانين الإستبدادية التي يحكم الناس بها، و كله بالقانون، لكي لا يعترض أحد !
الجمهورية مسروقة من قِبَل حفنة من المرتزقة و المنتفعين و المطبلين له و لحكمته، لا توجد إنتخابات حرة، لا يوجد مجلس تشريعي مستقل، السلطة القضائية غير مستقلة، الصحافة القومية أبواق حكومية، الرئيس سلطاته إلهية، الشرطة تحتل البلاد و تحمي الرئيس و عصبته، و تضطهد الشعب الذي من المفترض أنها تخدمه، المحسوبية و الرشوة و الفساد أصبحت من أساسيات الجهاز الإداري للدولة.
********************
و نريد الناس في النهاية أن تحتفل بيوم الجمهورية !؟
لابد أولاً من أن نقيم الجمهورية الصحيحة، حتى نحتفل بقيامها، و أقرب طريق لذلك هو الخلاص من الإستعمار المحلي، و إتباع شرع الله في أرضه.
يمر اليوم و هناك شبة ثورة داخلية في إيران، و طاعون الموت الأسود يطرق أبوابنا الغربية مع ليبيا، و إنفلونزا الخنازير و من قبلها إنفلونزا الطيور تجتاح البلاد، و الخوف كل الخوف أن تتوطن فيها.
نحن في أمس الحاجه لثورةٍ أخرى، لأن الأوضاع أصبحت أكثر بؤساً مما كانت عليه قبل إنقلاب يوليو.
الجمهورية أُعلِنت، لكنها لم تَقُم بعد، فمن سيقيمها ياتُرى ؟
ليس شخصاً واحداً هو الذي سيقيمها، لكنه شعب مصر بكامله …
و أنا في إنتظاره …
********************