26 أغسطس 2009

رمضــان كريـــــم

Ramadan Karim

 

ظهرت الرؤيا متأخرة عن بقية العالم خمسة أيام …! لكنها ظهرت أخيراً و الحمد لله.

رمضان كريم

18 يونيو 2009

الجمهورية التي …!

Muhammad Naguib

 اللواء محمد نجيب  أول  و آخر رؤساء مصر المحترمين

يوافق يوم 18 يونيو من كل عام ذكرى كلٍ من إعلان الجمهورية في مصر عام 1953، و جلاء آخر جندي بريطاني من قاعدة قناة السويس عام 1956.

ذلك التاريخ يجهله أغلب شعب مصر، فإن سألت واحداً عنه، فلن يعرفه، لماذا؟ … ليس لأنه لا أهمية له، بل لأنه ليس أجازة رسمية تتعطل فيها المصالح الحكومية.

نعم المناسبات التاريخية في مصر تظل حية ترزق طالما كانت أجازة، و لا شيء غير هذا يبقيها حية.

Republic 3

أهم هذين الحدثين في رأيي المتواضع هو تغيير نظام الحكم بعد إنقلاب يوليو 1952، من ملكي متوارث منذ العهود الغابرة التي سبقت ما هو معلوم لدينا من مينا نارمر موحد القطرين، حتى الأسرة العلوية – نسبةً إلى محمد علي باشا – التي كان آخر ملوكها على عرش المحروسة هو الملك أحمد فؤاد الثاني، نجل الملك فاروق الأول، إلى جمهوري يتداول المصريون – نظرياً – الحكم فيه.

ففي هذا اليوم، الثامن عشر من يونيو من عام 1953 أعلن اللواء محمد نجيب إلغاء الملكية و إقامة النظام الجمهوري، الذي لم تُحدد ملامحه إلا بعد أزمة فبراير - مارس 1954 ، حينما بدأ التشوه يغزو وجه مصر، و بدأ الإستبداد ينشب أظافره في جسدها.

إليكم نص إعلان الجمهورية :

 

Republic 1

Republic 2

 

نص إعلان الجمهورية – و الأحمر من عندي :

إعلان دستوري

من مجلس قيادة الثورة

بسم الله الرحمن الرحيم

لما كانت الثورة عند قيامها تستهدف القضاء على الإستعمار و أعوانه ( رجعوا مرةً أخرى ) فقد بادرت في 26 يوليه 1952 إلى مطالبة الملك السابق فاروق بالتنازل عن العرش لأنه كان يمثل حجر الزاوية الذي يستند إليه الإستعمار. ( و مبارك هو حجر الزاوية التي يستند عليها الصهاينة و الأمريكان)

و لكن منذ هذا التاريخ و منذ إلغاء الأحزاب وجدت بعض العناصر الرجعية فرصة حياتها و وجودها مستمدة من النظام الملكي الذي أجمعت الأمة ( عن أيّ أمة نتحدث هنا ؟ ) على المطالبة بالقضاء عليه قضاء لا رجعة فيه.

و أن تاريخ أسرة محمد علي في مصر كان سلسلة من الخيانات التي ارتكبت في حق هذا الشعب ( و تاريخ حكم عصبة الثوار أسود و ألعن و أضل سبيلا ) و كان من أولى هذه الخيانات إغراق إسماعيل في ملذاته و إغراق البلاد بالتالي في ديون عرضت سمعتها و ماليتها للخراب ( كانت بريطانيا مدينة لمصر بما يزيد عن خمسين مليون جنيه استرليني بمقاييس ذلك الزمن عند جلائها عن مصر عام 1956، و أفقرها السيد عبد الناصر بحروبه المتتالية في كل مكان، أما الآن فوزير المالية أو الإقتصاد أو أياً كان مسماه، فيخرب إقتصاد البلاد كما لو كان عدواً لنا، و تكفل المحتكرون من أعضاء الحزب الوثني بالقضاء على ما تبقى منه ) حتى كان ذلك سببا تعللت به الدول الإستعمارية للنفوذ إلى أرض هذا الوادي الأمين، ثم جاء توفيق فأتم هذه الصورة من الخيانة السافرة في سبيل محافظته على عرشه ( و ها قد مات، فهل إنتفع بجلبه البريطانيين ليحافظ على عرشه الذي لم يأخذه معه إلى القبر !؟ بالطبع لا ) فدخلت جيوش الإحتلال أرض مصر لتحمي الغريب الجالس على العرش الذي استنجد بأعداء البلاد على أهلها ( و من الواضح أن الجالس حالياً على العرش، يحتمي بأعداء بلاده الرابضين على حدودنا الشرقية ) و بذا أصبح المستعمر و العرش في شركة تتبادل النفع، فهذا لذاك ، في نظير هذه المنفعة المتبادلة، فاستذل كل منهما باسم الآخر هذا الشعب و أصبح العرش هو الستار الذي يعمل من ورائه المستعمر ليستنزف أقوات الشعب و مقدراته و يقضي على كيانه و معنوياته و حرياته. ( أصبح السلام  و الإستقرار و محاربة الإرهاب هي ذريعة النظام الحالي و سِتَارَهُ في بقاء الوضع كما هو عليه، و استذل الإثنان هذا الشعب الطيب و تَشَارَكا – النظام و الصهاينة - في شركة تتبادل النفع، كأن يقوم أعضاء من الحزب الوثني بأعمال تجارية مع إسرائيليين، بدعوى أن التجارة لا دين لها و لا جنسية، أما الحكومة فتصدر الغاز و البترول إلى إسرائيل، و تصدر إسرائيل لنا بالسلام، أما أقوات الشعب فمازالت مُستَنزفه، و مُقدراته ضائعه، و حريته مكبوته، و معنوياته في الحضيض. )

و قد فاق فاروق كل من سبقوه من هذه الشجرة فأثرى و فجر، و طغى و تجبر و كفر، ( و قد فاق من خلفوه في الحكم ثراءً و فجراً و تجبراً و طغياناَ، لكني لا أُكَفِرُ أحداً كما فعلوا ) فخط بنفسه نهايته و مصيره، فآن للبلاد أن تتحرر من كل أثر من آثار العبودية التي فرضت عليها نتيجة لهذه الأوضاع، فنعلن اليوم باسم الشعب :

أولا – الغاء النظام الملكي، و حكم أسرة محمد علي، مع الغاء الألقاب من أفراد هذه الأسرة.

ثانيا – إعلان الجمهورية و يتولى الرئيس اللواء " أركان الحرب " محمد نجيب قائد الثورة رياسة الجمهورية مع احتفاظه بسلطاته الحالية في ظل الدستور الموقت.

ثالثا – يستمر هذا النظام طوال فترة الانتقال و يكون للشعب الكلمة الأخيرة في تحديد نوع الجمهورية و اختيار شخص الرئيس عند اقرار الدستور الجديد.

فيجب علينا أن نثق في الله و في أنفسنا، و أن نحس بالعزة التي اختص الله بها عباده المؤمنين، و الله المستعان و الله ولي التوفيق.

القاهرة في 7 من شوال سنة 1372 ( 18 من يونيه 1953 ).

قائد الثورة لواء ا.ح. محمد نجيب

بكباشي ا.ح.  جمال عبد الناصر

قائد جناح  جمال سالم

قائد جناح  عبد اللطيف البغدادي

بكباشي ا.ح.  زكريا محي الدين

بكباشي  أنور السادات

بكباشي  حسين الشافعي

صاغ ا.ح.  عبد الحكيم عامر

صاغ ا.ح.  صلاح سالم

صاغ ا.ح.  كمال الدين حسين

قائد أسراب  حسن إبراهيم

صاغ  خالد محي الدين

الآن على الورق، الإسم الرسمي للدولة هو جمهورية مصر العربية، لكن فعلياً و في الحقيقة، لم تقم الجمهورية قط، لأن جمال عبد الناصر اختطف السلطة من نجيب في مسرحية الخلاف حول الديمقراطية، و بعد تركيز كل الأضواء عليه بعد حادثة المنشية الشهيرة، تخلص من الإخوان المسلمين، و استأثر بالسلطة، و ماتت الجمهورية على يديه و هي مازالت تحبو.

********************

تعلمنا في المدارس أن أول رئيس لجمهورية مصر هو جمال عبد الناصر، و ثانيهم هو أنور السادات، و ثالثهم "…" حسني مبارك، و لم يَرِد أي ذكر عن محمد نجيب نهائياً، كأنه كان سراباً أو هواءَ، زوروا التاريخ، و قتلوا كرامة الإنسان، بحبسهم نجيب …، لم يكن الرجل سوى حالمٌ و متطلعٌ لمستقبلٍ أفضل لبلاده في الطريق الصحيح.

لكنهم – عصابة الإنقلاب – عندما ذاقوا حلاوة السلطة و قوتها، لم يستطيعوا تركها، و كيف و قد أصبحوا بين عشيةٍ و ضحاها حكام مصر، لم يروا غير أنهم سيدمرون أيّ عائق بينهم و بين السلطة، لكنهم تساقطوا الواحد تلو الآخر، بين يدي كبير الطامعين، جمال عبد الناصر.

و قد كان من بينهم من لم ترق له فكرة الحكم العسكري الدكتاتوري، و لكن بدرجات مختلفة، مثل يوسف صديق، خالد محي الدين.

********************

لكم كنت أتمنى أن يقوم نجيب بالقضاء على عبد الناصر و من يساندونه، فقد كان رئيس الدولة، و معه الشرعية الثورية ! و الناس تقف خلفه و تحبه، و كان بمقدوره أن يفعلها بعد عودته على أكتافهم، و معه سلاح الفرسان، و كان عبد الناصر و أتباعه في موقف الضعف حينئذ، لماذا لم يفعلها ؟ ساعتها كنا سنسير على طريق آخر غير الذي نسير عليه الآن، و لعله كان أفضل منه.

و الأغرب هي تلك المظاهرات المدفوعة التي تهتف بسقوط الديمقراطية، و إلغاء الأحزاب، بالطبع كان عبد الناصر و أعوانه وراءها – و لا يقولن أحدٌ أنه لم يكن على علمٍ بها، مثلما لم يكن يعلم شيئاً عن التعذيب !

لم يكتف عبد الناصر بالإطاحة بنجيب، لكنه حدد إقامته، و حبسه، حتى مات - أي عبد الناصر – و ظل الرجل يعيش في الظل إلى أن أخرجه السادات من محبسه عام 1974، لكنه ظل يتجاهل وجوده، و قُتِل السادات، و تولى مبارك الحكم و تُوُفيَ نجيب عام 1984، بعدما شهد سقوط سجانيه، و أُقيمت له جنازة عسكرية.

********************

عبد الناصر كانت تسيطر عليه فكرة العادل المستبد ( كالدائرة المربعة مثلاً )، و كان يرى أن الشعب لكي يتخلص من كل شوائب الحقبة الماضية، لابد و أن تتم الوصاية الكاملة عليه، من شخص هو أدرى و أعقل بما يدور من حوله، و يقوم بتوجيهه إلى ما هو أصلح له.

فألغى- باسم الشعب - الأحزاب، و عقد المحاكمات الصورية مثلما حدث لخميس و البقري في كفر الزيات، و اللذان حُكِم عليهما بالإعدام، و ذلك بعد شهرين فقط من وقوع الإنقلاب.

بعد أن أصبح الجو خالياً لعبد الناصر، و أتم البريطانيون جلائهم عن قاعدة السويس، و وضع دستوره الخاص – استن سنة سيئة اتبعها الكثير من الدكتاتوريون من بعده - فقد فاز بـ 99,999 % من أصوات المقترعين في أول الإستفتاءات، تفرغ لبناء البلاد و تحويل إقتصاد البلاد من الإعتماد على الزراعة، إلى الإقتصاد الصناعي، و دخل معركته الأولى مع البنك الدولي التي أدت لتأميم شركة قناة السويس، و التي أدت بدورها لعدوان بريطاني – فرنسي – إسرائيلي مشترك، خرج منه عبد الناصر أقوى سياسياً مما كان، و أصبح ذو شعبية كبيرة تمتد من إندونيسيا إلى كوبا، و سرعان ما وجد طريقه نحو الإنفراد التام بكل شيء، و أضحى التأميم عصاه التي يبطش بها، و أمم تقريباً كل الأنشطة التجارية على أرض مصر.

و بالطبع لكي يُحكِم السيطرة على كل منافذ التفكير و الكتابة، قام بتأميم الصحف، و قتل التعددية السياسية بإنشائه مسخاً غريباً يضم كل جموع الشعب و أسماه الإتحاد الإشتراكي، و ماتت فكرة الجمهورية البسيطة، التي يتم تداول السلطة فيها بطريقة سلمية و يُسمح فيها بتعدد الآراء، ماتت منذ أن استأثر بالسلطة و ركزها في يده.

أيضاً، لابد و أن نتذكر جميعاً كيف أمم الجامعة، و أفقدها إستقلاليتها، و حملات التطهير العشوائية التي طُرِد فيها كل الأساتذة و المفكرين اللذين لا تتفق أرائهم مع أراء مجلس قيادة الثورة، و أصبح معيار التعيين هو الثقة و ليس الكفاءة، و مازال هذا التقليد مستمراً حتى الآن، فلا يُعَيَن أي موظف في أيّ موقعٍ في الدولة إلا بعد موافقة الأمن عليه.

و لكي يضمن إحتواء الفكر الإسلامي كله تحت جناحيه، قام بتأميم الأزهر بحجة تطويره، و أصبح شيخ الأزهر مُعَيناً من قِبَل الرئيس نفسه، و فقد إستقلاليته، و بدأ يفقد الكثير من رصيده الكبير في العالم الإسلامي، و كم رأينا شيخ الأزهر الحالي و تصريحاته المثيرة للجدل، و كان آخرها عن مصافحته لأخبث خبثاء إسرائيل، المجرم شيمون بيريز، و كانت حجة شيخ الإسلام أنه لا يعرفه !!! و لا يعرف أيضاً أن غزة مُحَاصرة، و إن عَلِم فهي ليست مسؤليته، و علينا أن نسأل وزير الخارجية !

أيُّ عَبَثٍ هذا الذي نعيشه ؟

********************

في الجيش، درع الوطن و سيفه، تُرِكَ عبد الحكيم عامر يعيث فيه فساداً، و بالطبع القاعدة الأثيرة " الثقة و ليست الكفاءة " كانت هي الأساس، فأصبح عبد الحكيم عامر مشيراً، و معناها بالإنجليزية " Field Marshal " و لهذا حكاية طريفة، فقد زار الفيلد مارشال برنارد مونتجُمري مصر عام 1966 ، و عندما قابل عبد الحكيم عامر، تم تقديمه على أنه هو أيضاً فيلد مارشال، فسأل مونتجُمري متعجباً : لأي معركة …؟ ، لأن الإسم الكامل لرتبة مونتجُمري العسكرية هي"Field Marshal of Alamein"، فالطبيعي أن معركة العلمين التي انتصر فيها مونتجُمري، تمت ترقيته إلى رتبة مشير بناءً عليها، فما هي المعركة الكبيرة التي أبدع فيها عامر و انتصر ؟

لابد و أنها كانت في أحلام يقظته التي كسرت الجيش المصري في هجوم إسرائيل الخاطف على سيناء.

بالطبع هذه من أسوأ سيئات عبد الناصر التي طغت على حسناته، لأن الطغيان مهما كانت نواياه الحسنة، لا شفيع له في قهر الإنسان، و كبت حرياته التي كفلها الله عز و جل له في كتابه الكريم، و أقرها العالم الحديث في ميثاق حقوق الإنسان عام 1949، بعد نزول القرآن بقرون.

بالطبع كانت أعماله الأخرى مثل بناء السد العالي بمساعدة الإتحاد السوفييتي، و تصنيع مصر، و توزيع الأراضي على الفلاحين، و زيادة الرقعة الزراعية إلى أضعاف ما كانت منذ عهد محمد علي باشا، و تحقيق نوع من العدالة الإجتماعية بين طبقات الشعب المهمشة، من حسنات حكمه.

********************

و بعد وفاته استلم أنور السادات الحكم، و استمر النظام الجمهوري المشوه مستمرا، لكن السادات كان من محبي المظاهر الفارغة، فأعلن أن لا أحد فوق القانون، و أن دولته هي دولة قانون، و علم و إيمان، و أحرق شرائط التنصت على تليفونات الشعب، و سمح بإطلاق يد الإخوان المسلمين في الجامعات لمواجهة الطلبة الناصريين و الشيوعيين، و بعد حرب أكتوبر أراد أن ينفتح على العالم الخارجي، لكنه لم يُرِد أبداً أن يفقد سلطاته التي منحها له "الدستور"، و قام بإنشاء المنابر داخل مسخ الإتحاد الإشتراكي، ثم حولها لأحزاب، ثم سمح بمعارضة محسوبة لا تتعدى حدودها،لأنه كان شديد الغضب على من يعارضه، لأن من يعارضونه لابد و أن يُقَبِلوا أيديهم " وش و ظهر " على ما أعطاهم من حرية !

و قام بعملية السلام التي سار فيها على طريق منهار لا رجعة فيه، و قام بتعديل الدستور ليلغي تقييد فترة الرئاسة بفترتين، و يجعلها مفتوحة، و أبهر أعين الناس بجعل الإسلام دين الدولة الرسمي، و شرعنة القوانين في مصر، فانشغل الجميع عن التعديل الآثم.

لكنه لم يهنأ طويلاً بتعديله، لأن "أبناءه" اغتالوه في يوم العبور، و أتى من بعده مبارك، أطول من حكم مصر خلال المئة و الخمسين عاماً المنقضية، فقد استفاد من أخطاء سابقيه، و استفاد أيضاً من أعمالهم.

********************

جعل مبارك للدولة مظهراً من ذهب، يبرق فيخطف الأنظار من فرط جماله، لكن الباطن يتقلب في عفن القوانين الإستبدادية التي يحكم الناس بها، و كله بالقانون، لكي لا يعترض أحد !

الجمهورية مسروقة من قِبَل حفنة من المرتزقة و المنتفعين و المطبلين له و لحكمته، لا توجد إنتخابات حرة، لا يوجد مجلس تشريعي مستقل، السلطة القضائية غير مستقلة، الصحافة القومية أبواق حكومية، الرئيس سلطاته إلهية، الشرطة تحتل البلاد و تحمي الرئيس و عصبته، و تضطهد الشعب الذي من المفترض أنها تخدمه، المحسوبية و الرشوة و الفساد أصبحت من أساسيات الجهاز الإداري للدولة.

********************

و نريد الناس في النهاية أن تحتفل بيوم الجمهورية !؟

لابد أولاً من أن نقيم الجمهورية الصحيحة، حتى نحتفل بقيامها، و أقرب طريق لذلك هو الخلاص من الإستعمار المحلي، و إتباع شرع الله في أرضه.

يمر اليوم و هناك شبة ثورة داخلية في إيران، و طاعون الموت الأسود يطرق أبوابنا الغربية مع ليبيا، و إنفلونزا الخنازير و من قبلها إنفلونزا الطيور تجتاح البلاد، و الخوف كل الخوف أن تتوطن فيها.

نحن في أمس الحاجه لثورةٍ أخرى، لأن الأوضاع أصبحت أكثر بؤساً مما كانت عليه قبل إنقلاب يوليو.

الجمهورية أُعلِنت، لكنها لم تَقُم بعد، فمن سيقيمها ياتُرى ؟

ليس شخصاً واحداً هو الذي سيقيمها، لكنه شعب مصر بكامله …

و أنا في إنتظاره …

********************

14 يونيو 2009

الحَوَل

فرح الكثيرون من أهل المنطقة العربية و من خارجها بفوز الموالاة على المعارضة في لبنان، و كثيرٌ من الفرحين من المنطقة، هم من المشبوهين، لا أفهم دوافعهم.

هل لأنهم كلاب ؟ أم لأنهم كلاب ؟

عندما تُجرى إنتخابات حرة في لبنان و يفوز فيها الطرف الموافق لمصالحهم نجدهم يهللون و يفرحون، بينما حين كانت هناك إنتخابات حرة في فلسطين المحتلة و فاز فيها من لا يوافقون عليه، و يرونه يهدد مصالحهم، نجدهم يتململون و لا يفرحون، و يتحججون بأن فوز هذا الفصيل في الإنتخابات يهدد عملية السلام !

من هؤلاء … صحف عربية لندنية، تعادي سوريا و إيران و بالطبع حزب الله، و تلك المعاداة ليست من منطلق تحرري أو تقدمي أو سَمِّه ما شئت، لكنه بدافع المصالح المشتركة مع الغرب.

إحتفت صحف إسرائيل بهزيمة المعارضة في إنتخابات لبنان، و لهم ما يبرر موقفهم من حزب الله، فهو الشوكة التي فوق رؤوسهم، ما أن يحاولوا القفز حتى تعاجلهم في رؤوسهم.

أما من يكتبون و يكتبون، و يتفقون مع إسرائيل في المواقف، فهؤلاء المنبطحون المنافقون هم من أسباب هزيمتنا النفسية و المعنوية، و لابد و أن نتخلص من أقلامهم المسمومة.

لا أستطيع الإستمرار في الكتابة لأني مكتئب، … معذرة.

15 مايو 2009

النكبة

النكبة

تمر اليوم الذكرى الواحدة و الستون للنكبة التي اعترضت المسار الطبيعي للأمة الإسلامية عامةً و العربية خاصةً.

تمر تلك الذكرى و فلسطين ترزح تحت الإحتلال الصهيوني الأجنبي و الغريب عن المنطقة بكاملها، و بقية البلاد العربية ترزح تحت إحتلال محلي داخلي مقيت، من عناصر المفروض أنها من نفس أهل البلاد، لكنها للأسف تضطهد أبناء وطنها.

و الجرح لايزال نازفا، زار مصر و القاهرة منذ أيام، رئيس وزراء الكيان الصهيوني، و إلتقي الرئيس المزمن، و تباحث معه في مستقبل المنطقة و المشاكل التي تعوقه في كيفية إراحة الفلسطينيين من أوجاعهم !

واحدٌ و ستونَ عاماً، و أهل فلسطين ممزقى الأطراف، بين حكومة مستسلمة منزوعة الشرعية، و حكومة مقاومة وطنية صاحبة شرعية، و للأسف العالم كله - و يا للمفارقة – الشرعية الدولية يقفان مع اللاشرعية.

تمر و مصر كالألعوبة في يد إسرائيل، مصر التي كانت دوماً الحصن الأخير للدفاع عن الأمة الإسلامية ضد الأخطار الداهمة التي تهدد وجودها، كانت مصر دوماً هناك.

مصر اليوم ليست هنا أو هناك، مصر اليوم تتحرك في حدود رسمها "الصديق الأمريكي"، لكي لا يتأذى "الجار الإسرائيلي" !

مصر مكبلة بالقيود التي صنعها الحداد المبارك، ليكبل بها شعب مصر المبارك، الذي ضاق ذرعاً بالركود المستمر منذ ربع قرنٍ و يزيد، صابراً على آلامه و آلام الشقيق الفلسطيني في غزه، و لن يظل هذا الشعب صامتاً أبد الدهر، لابد و أن يتكلم يوما، و ليحذر هؤلاء الذين اطمأنوا، من يوم الحساب.

فلسطين ضاعت منذ نصف قرن، لأن الزعماء ساعتها كانوا لا يريدون من الحرب سوى إضافة ممتلكاتٍ إضافيه لأراضيهم، فخسروا خسراناً مبينا.

و الذين تَلَوهم لم يكونوا بأفضل منهم، لأنهم أضاعوا ما تبقى من فلسطن.

أما الآن … حسبي الله و نعم الوكيل، تفرقت أيدي سبأ، لا مخرج من الذل الذي نعيش به إلا بسبيلٍ واحد، العدو في الداخل …، أتعلمون ما أقصد ؟

العدو يعيش بداخل نفوسنا، بداخل أوطاننا، و العدو الخارجي لن نستطيع أن نهزمه، إلا بهزيمة هؤلاء.

ستتكرر الذكرى سنوياً، وكل عامٍ سأتذكر بمرارة تاريخ الخيانة و العمالة و التواطؤ و السكوت و الذل و الهوان، و إلى آخر القاموس إن ظللتم أحياء.

04 مايو 2009

القُطّبُ الأَكّبَرْ

Silenced

(1)

ظُهْرَاً …

………………

………………

حَدَثٌ نَادِرْ (1)

مُنذُ عُقُودٍ …

وَ لأوَلِ مَرَّهْ …

جَاءَ التِلفَازُ يُبَشِرُنَا …

بِقُدُومِ الثَورَهْ …

أَصّغيتُ السّمعَ وَ عَينَايَّ …

لاَ تَترُكُ شَارِدَةً أَوُ نَظّرَهْ …

ظَهَرَ شَبَابُ الحِزبِ العَاَكِمِ …

مُبْتَسِمِيِنَ أَصِحَاءْ …

لاَ تُرّهِقْهُمْ مِثْلَ بَقَاياَ الشَّعْب …

القَتَرَهْ …

أَحسَسْتُ بِطَعمِ الحَنّظَلِ فِي حَلْقِيِ …

وَ تَذَكَرْتُ حَيَاَتِيِ المُرَهْ …

فَعَلَىَ المَسّرَحِ …

ظَهَرَ مَسِيِخُ العَصّرِ بِدَجَلِهْ …

يُعْلِنُ أَنَّ الدِيمُقْرَاَطِيَةَ قَدّ بَدَأَتْ …

مِنّ فَتْرَهْ …

وَ أَنَّ الشَّعْبَ …

لاَبُدَ وَ أَنّ يَمْتَلِكَ قَرَاَرَهْ …

وَ يُحَدِدُ قَدَرَهْ …

بَعْدَ بَقَائِيِ فِيِ الحُكْمِ …

سِتَةَ أَعْوُاَمٍ أُخرَىَ …!

۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞

دَوَتِ القَاعَةُ بِالتَصْفِيقِ الحَارْ …

وَ المَدعُوْ كَلّبٌ أَجّرَبْ …

هَتَفُوُا بِعُلُوِ الصَّوُتِ …

أَنْ لاَ أَحَدَاً غَيِرَكَ …

يَعْرِفُ أَنْ يَلْعَبْ …

بَايَعنَاَكَ رَئِيِسَاً …

حَتَّىَ المَوُتِ …

نَحْنُّ وَ إِيِاَكَ …

أَيِهُمَاَ أَقْرَبْ …!

۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞

أَغْلَقّتُ التِلفَازَ …

وَ كَانَتْ أَعْصَابِيِ تَتَكَسَرْ …

كَيفَ لِهَذَاَ الثَوُرٍ العَاَجِزِ …

أَنّ يَحْكُمَنَاَ وَقّتَاً أَطْوَلْ …؟

أَوَلَمْ تَكْفِيِهِ سُنُوُنٌ …

سَجَّلَهَاَ التَارِيِخُ بِحِبْرٍ أَسْوَدْ …؟

كَسَوَاَدِ دَوَاَخِلِهِ …

أَوُ أَكّثَرْ …!

۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞

كَمّ صَدَّعَنَاَ بِخِطَاَبَاتٍ …

لاَ تَفّتَأُ أَنّ تَتَكَرَرْ …

"الإِخّوَةُ وَ الأَخَوَاَتْ"

ثِيِرَاَنُ المُستَقْبَلْ …

"مَعَاً … مِنّ أَجّلِ مُستَقْبَلٍ أَفْضَلْ"

لِيِّ وَ لِأَنْجَاَلِيِ …

عِجّلَيَّ …

الشَّاَطِرُ … وَ الأَشّطَرْ …!

۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞

الوَاضِحُ أَنَّ الثَوُرَ الأَكْبَرْ …

لَمّ يَقْنَعْ بَعْدُ …

بِجَعّلِ حَظِيِرَتِهِ الأَفْقَّرْ …

لَمَ يَقنَعْ أَنَّ كِبَاَرَ الثِيِرَاَنَ بِحْضّرَتِهِ …

أَضْحَتْ مِنّ فَرّطِ قَذَاَرَتِهَاَ …

كَخَنَاَزِيِرِ الغَاَبَةِ …

أَوّ أَقّذَرْ …

وَ لِهَذَاَ …

وَ لِهَذَاَ …

مِنّ أَجْلِ المَصْلَحَةِ العُلْيَّاَ …

قَدّ قَرَرْ …

أَنّ يَبْقَىَ حَتَىَ يَأَكُلَ كُلَّ اليَاَبِسَ …

وَ الأَخْضَرْ …!

۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞

(2)

لَيِلاً …

………………

………………

سِرّتُ بِطُرُقَاَتٍ وَ حَوَاَرٍ وَ شَوَاَرِعْ …

كَاَنتْ بِالمَاَضِيِ …

شَيِئَاً يَدْعُوُ لِلفَرْحَةِ …

كَاَنَتْ أَبْهَجْ …

أَمّاَ الآَنْ …

فَوُجُوُهِ النَاَسِ بِلاَ تَعْبِيِرٍ …

عَنّ قَلَقٍ أَوُ فَرَحٍ … يَبْعُدُ أَوُ يَقّرُبْ …

وَ شَوَاَرِعُ كَالصَخْرِ …

تَقتُلُ رَوُحَ جَمَاَلٍ فِيِكَ …

إِنّ لَمْ تُكْئِبْ …

حَدَثتُ النَفسَ الأَمّاَرَةْ …

فِإِذَاَ صَوُتِيِ يَتَهَدَجْ …

أَمْسَكتُ لِسَاَنِيِ عَلّيِ أَسْكُتْ …

لَكِنْيِ …

بِحَمَاَقَةِ طِفْلٍ مُزّعِجْ …

أَعْلَنتُ بِصَوُتِيِ العَاَلِيِ …

أَنّ يَسّقُطْ …

أَنّ يَسّقُطَ …

هَذَاَ الفِرْعَوُنُ المَلْعُوُنُ المَفْتُوُنْ …

حَلِيِفُ الكَهَنَةِ فِيِّ تَلِّ أَبِيِبَ وَ فِيِّ هِبْرُوُنْ(2)

عَبْدُ الأَسْيَاَدِ بِوُاَشِنْطُوُنْ …

أَسْأَّلُكُمْ بِاللهِ … عَمَّاَ سَيَكُوُنُ مَصِيِرُهْ …؟

مَاَذَاَ سَيَكُوُنْ …؟

۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞

ذُهِلَ النَاَسُ لِبُرْهَهْ …

قَاَلَ كَثِيِرٌ مِنّهُمْ … أَحْمَقْ …

قَاَلَ البَعْضُ الآَخَرِ : لاَ تَدْعُوُ لِلْمُنْكَرِ …

لاَ تَتَهَرْطَقْ …

فَالحَاكِمُ يَّاَ وَلَدِيِ …

فِيِّ الأَرْضِّ …

ظِلُّ اللهْ …

قُلْتُ لَهُ: حَاَشَاَهْ …

أَكّمَلَ مُسْتَرّسِلاً … وَ قَدّ أَعْطَاَهُ …

حُكّمَاً أَبَدِيِّاً مُطْلَقْ …

۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞

قَاَلتْ شِرْذِمَةٌ مُنْتَفِخَهْ …

هَذَاَ الخَاَئِنُ لِلوَطَنِيِهْ …

وَ المُنْكِرُ لِلحُرّيِهْ …

كَرِيِهُ الرَاَئِحَةِ …

كَرِيِهُ المَنْظَرْ …

 يَتَجْرَّأُ وَ يَسُبُ الرَأسَ الأكبَرْ …!!!

۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞

حَسَنَاً يا سَحَرَةَ فِرعَوُن …

حَسَنَاً يا مَن أقْذَرَ ما في نَعْلِي …

حَسَنَاً يا سَادَةَ أُكذُوبَاتِ العَصّرِ

بهَذا الكَونْ …

حَاكِمَكُم فَاقَ بحِكمَتِهِ

قَاتِلَ أصْحَابَ الأُخدُودْ …

حَاكِمَكُم صَاحَبَ كُلَّ أعَادِينَا

كُفَاراً كانوا و يَهوُدْ …

حَاكِمَكُم حَاصَرَ إخوَتِنَا

غَلَّقَ أبْوَابَاً مَفتُوحَه …

قَابَلَ إحْسَانَاً بصُدُودْ …

حَاكِمَكُم وصَلَ بأيديكُم

لِنِهايةِ شارِعِ مَسدُودْ

۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞

قالوا و الشَرُّ بأيدِيهم:

مَن طَارَ ليَحمِينَا، و يَقُودْ …!

مَن أخَذَ بأيدِينَا عَطْفاً

و عَلينَا لم يَبْخَلْ أبَدَاً بنُقًودْ …!

سُحقاً سُحقا …

سُحقاً سُحقاً للعُمَلاءِ و السُجَنَاءِ

أصحَابَ قُلًوبٍ سَودَاءِ

تَطْفَحُ نُكراناً و جُحُود …!

هَاَتُوُه …

هَاَتُوُهُ لِكَيِّ يَتَعَلَمْ …

أَبَدَاً … أَلّاَ يَتَكَلَمْ …

في أمْرِ الدَولَةِ و الحَاكِمْ …

حَاكِمِهَا الأعْظَمْ !

۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞

جَرَيِتُ إِلَىَ بَيِتِيِ …

خَطَطتُ مَّعَ نَفْسِيِ …

أَنّْ أَتَخَفَىَ عَنّْ عَيِنِ العَسْكَرْ …

لَكِنِّيِ …

لَكِنِّيِ …

لَكِنِّيِ يَاَ نَاَسْ …

لَسْتُ بِمُذْنِبْ …

لَمّْ أَرّشُوْ أَحَدَاً …

لَمّْ أَسْرِقْ …

لَمّْ أَقْتُلْ نَفْسَاً …

لَمّْ أَكّْفُرْ …

فَلِمَاذَا أَتَخَفّىَ … ؟

وَ لِمَاذَا أَهرُبْ … ؟

أَلأَنِي قُلتُ كِفَايَهْ … ؟

لَنّ يَحكُمَنَا بَعدَ الآن …

شَخْصٌ أَخرَقْ …

لَكِنْ … ؟؟؟

لَحظَهْ …

أَوَصَارَ المَخفِيُ إِلَهَاً يُعبَدْ …

وَ أَنَاَ لاَ أَشعُرْ … ؟؟؟!!!

إِنّ كَانَ كَذَلِكْ …،

فَأنَا …

بِالثَوُرِ الحَاكِمِ …

وَ القُطّبِ الأكّبَرِ …

حَتّمَاً …

أَكّفُرْ.

 

                                                   محمد أيوب – وقت غير مُحَدد

_____________________________________________________________________

(1) من وحي خطاب 26 فبراير 2005، الذي أعلن فيه مبارك نيته تعديل المادة 76 في الدستور المصري.

(2) (هبرون) هو اسم مدينة (الخليل) بفلسطين المحتلة في اللغة العبرية.

23 أبريل 2009

فصام النظام

قرأت مقالاً رائعاً في جريدة الشروق للدكتور علاء الأسواني، و لست أدري إن كانت أحداثه قد حدثت حقيقةً أو أنها من بنات أفكاره، لكنها حتى و إن كانت خيالاً محضاً، فإنها تُعَبر عمّا أعتقد أنه يحدث فعلاً في مقرات ذلك الجهاز الذي أصبح رمزاً للقمع و التعذيب في الحقبة المباركية المشئومة التي تمر بمصر في تلك اللحظات السوداء من تاريخها، وكأن ظلاماً قد حلّ بالبلاد.

الغريب في الموضوع هو منطق الضابط الذي يقتنع إقتناعاً تاماً بصحة ما يفعله، ولن يغير إقتناعه مهما سمع من براهين و أدلة تثبت خطأ رأيه و إعتقاده لأنه يظن أن ما يعمله من صميم العقيدة الدينية و هي مما يعتقده بُراء، أيضاً دور الدولة الغامض في تلقيم و حشو هؤلاء الضباط بهذه الأفكار الخربة، فكيف و الدولة تتدعي أنها تفصل بين الدين و الدولة و تحرص على نفي صفة الدولة الدينية عنها و نضبطها متلبسةً بين حينٍ و أخر بالدفاع عن الدين و تكون في تلك المواقف ملكيةً أكثر من الملك، أي أنها تزايد على التيارات الدينية المتواجدة على الساحة في مصر و تصل لمراحل لا تجرؤ تلك التيارات على الوصول إليها، لأنها من المحظورات التي إن حدثوا أنفسهم بها، سيجدون أنفسهم في قفص الإتهام بتهمةٍ جاهزة دوماً و غالباً ما ستكون الإنتماء لجماعةٍ محظورة أو التخطيط لقلب نظام الحكم.

أيضاً كيف ينظر هؤلاء الضباط لأنفسهم و هم جزء من المجتمع الذي يشرفون على تعذيبه بمنهجيه و إصرار مستمد من خلفيه دينيه مشوهه، كيف يتصرفون مع أولادهم و زوجاتهم و أصدقائهم و أقاربهم، و يتنبأ الأسواني أن النهاية قريبة جداً، و أشاركه بأني أيضاً رأيت نُذُرَها منذ زمن مضى و أراها تقترب.

و إليكم المقال.

حوار مع ضابط أمن دولة

- بقلم: علاء الأسواني

حدث ذلك منذ أعوام..
كنت مدعوا لحضور فرح أحد أقاربى، وهناك.. جلست بجوار رجل من أهل العروس، عرفنى بنفسه قائلا:
ـ فلان.. ضابط شرطة..
كان رجلا فى نحو الأربعين. أنيقا للغاية، مهذبا وهادئا. ولاحظت على وجهه علامة السجود.. تبادلنا كلمات المجاملة العادية.. وسألته:
ـ سيادتك تعمل فى أى قطاع فى الشرطة؟

تردد لحظة ثم قال:
ـ أمن الدولة..
ساد الصمت بيننا وأشاح بوجهه بعيدا وراح يراقب المدعوين ووجدتنى بين فكرتين: أن أكمل حديث المجاملة الذى بدأناه أو أن أعبر عن رأيى بصراحة فى مباحث أمن الدولة. لم أتمالك نفسى وسألته:
ـ عفوا.. سيادتك متدين كما أرى؟
ـ الحمد لله..
ـ ألا تجد تناقضا بين كونك متدينا وبين عملك فى أمن الدولة؟
ـ من أين يأتى التناقض؟
ـ المقبوض عليهم فى أمن الدولة يتعرضون إلى الضرب والتعذيب وانتهاك الأعراض.. والأديان جميعا تنهانا عن ذلك.
قال، وقد بدا منفعلا لأول مرة:
ـ أولا، كل الذين نضربهم يستحقون الضرب.. ثانيا، لو قرأت دينك بعناية ستجد أن ما نفعله فى أمن الدولة مطابق تماما لتعاليم الإسلام..
ـ الإسلام من أكثر الأديان حرصا على الكرامة الإنسانية.
ـ هذا كلام عام.. أنا قرأت الفقه الإسلامى وأعرف أحكامه جيدا..
ـ لا يوجد فى الفقه الإسلامى ما يبيح تعذيب الناس..
ــ اسمعنى للنهاية من فضلك.. الإسلام لا يعرف الديمقراطية والانتخابات. جمهور الفقهاء أوجبوا طاعة الحاكم فى كل الأحوال، سواء اختاره المسلمون بأنفسهم أو انتزع الحكم بالقوة، طاعة الحاكم المسلم واجبة على الرعية حتى لو كان مغتصبا للسلطة أو فاسدا أو ظالما.. هل تعلم ما عقوبة الخروج على الحاكم فى الإسلام؟
لم أرد.. فاستطرد بحماس:
ــ الذى يخرج على الحاكم فى الإسلام، يجب أن يطبق عليه حد الحرابة وهو قطع اليدين والرجلين.. والذين نقبض عليهم فى أمن الدولة خارجون على الحاكم، يفترض شرعا أن نقطع أطرافهم، لكننا لا نفعل ذلك.. ما نفعله معهم أقل بكثير من عقوبتهم الشرعية..
خضت معه نقاشا طويلا، قلت له إن الإسلام نزل أساسا دفاعا عن الحق والعدل والحرية. وإن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لم يفرض على المسلمين حاكما من بعده وتركهم يختارون حاكمهم بحرية، بل إن اجتماع السقيفة الذى اختار فيه المسلمون الخليفة أبابكر (رضى الله عنه)، يعتبر اجتماعا ديمقراطيا بامتياز سبق الديمقراطية الغربية بقرون طويلة.. ثم شرحت له أن حد الحرابة لا يجوز تطبيقه إلا على الجماعات المسلحة التى تخرج لتقتل الأبرياء وتسرق أموالهم وتنتهك أعراضهم.. ولا يمكن أن ينطبق ذلك أبدا على المعارضين السياسيين فى مصر.. لكنه ظل مصرا على رأيه، ثم قال لينهى الحوار:
ــ هذا هو فهمى للإسلام، أنا مقتنع به ولن أغيره.. وأنا مسئول عنه أمام ربنا سبحانه وتعالى..
بعد انصرافى من الفرح، فكرت فى أن هذا الضابط شخص متعلم وذكى.. كيف يقتنع بهذا التفسير الخاطئ للإسلام؟!. كيف يستخلص من الدين أفكارا منحرفة مناقضة لمبادئه؟!. كيف يتصور للحظة أن الله يبيح لنا تعذيب الناس وإهدار آدميتهم؟. ظلت الأسئلة بلا إجابة، حتى قرأت بعد ذلك بشهور بحثا مهما فى علم النفس بعنوان «سيكولوجية الجلاد».. أثبت فيه الباحث أن ضابط الشرطة الذى يمارس التعذيب ينتمى إلى نوعين من الناس: إما أن يكون مريضا نفسيا، يسمى بالشخصية السيكوباتية التى تتصرف بعدوانية بلا أى ضوابط أخلاقية. أما النوع الثانى فينتمى إليه معظم الضباط الذين يمارسون التعذيب: إنهم رجال عاديون، طبيعيون نفسيا، وغالبا ما يكونون، خارج العمل، مواطنين صالحين ومحبوبين، يتميزون بأخلاق جيدة ومنضبطة.. لكنهم من أجل ممارسة التعذيب يحتاجون إلى شرطين أساسيين: الإذعان والتبرير.. الإذعان، بمعنى أن يتم التعذيب تنفيذا لأوامر تصدر من قيادتهم، فيقنعون أنفسهم عندئذ بأنهم مضطرون إلى طاعة الرؤساء.. أما التبرير، فيحدث عندما يقنع الضابط نفسه بشرعية التعذيب أخلاقيا ودينيا.. كأن يصور ضحاياه باعتبارهم عملاء للعدو أو أعداء للوطن أو كفارا أو مجرمين، مما يبرر فى ذهنه قيامه بتعذيبهم؛ حماية للمجتمع والوطن. ثم يخلص الباحث إلى نتيجة مهمة هى أنه بدون عملية التبرير فإن الضابط سوف يعجز حتما عن الاستمرار فى تعذيب ضحاياه.. لأنه عندئذ لن يتحمل تأنيب الضمير وسوف يعانى من احتقار عميق لنفسه وتصرفاته..
تذكرت ذلك وأنا أقرأ خبر القبض على طالبتين جامعيتين من شباب 6 أبريل هما أمنية طه وسارة محمد رزق.. فقد قبض عليهما الحرس الجامعى فى جامعة كفر الشيخ وسلمهما إلى أمن الدولة لأنهما كانتا تدعوان زملاءهما إلى الإضراب.. ووجهت لهما النيابة تهمة محاولة قلب نظام الحكم وأمرت بحبسهما أسبوعين على ذمة التحقيق.. والأسئلة هنا بالطبع كثيرة: كيف تسعى فتاة صغيرة لم تبلغ العشرين، وحدها، إلى قلب نظام حكم الرئيس مبارك لمجرد أنها تتحدث مع زملائها فى الجامعة أو تطلعهم على مقالة كتبتها؟!.. ثم إن الدعوة إلى الإضراب فى حد ذاتها لا تشكل جريمة فى نظر القانون لأن الحكومة المصرية وقعت على عشرات المواثيق الدولية التى تبيح حق الإضراب وتعتبره حقا أساسيا للمصريين.
لكن المحزن، حقا، أننى عرفت من زملاء البنتين أنهما تعرضتا إلى ضرب مبرح وتعذيب بشع فى أمن الدولة، وأن الذى ضربهما ومزق ملابسهما ضابط برتبة كبيرة.. عندئذ تذكرت حوارى مع ضابط أمن الدولة فى الفرح.. كيف يستطيع ضابط شرطة، هو غالبا زوج وأب، أن يضرب طالبة مثل بناته بهذه القسوة؟.. كيف يستطيع أن يواجه ضميره وكيف ينظر بعد ذلك فى عيون زوجته وأولاده؟.. ألا يحس هذا الضابط الكبير بالخجل من نفسه وهو يضرب فتاة ضعيفة لا حول لها ولاقوة، لا تستطيع حتى أن تدافع عن نفسها؟.. هل يتفق هذا التصرف مع الرجولة والدين والأخلاق؟.. وهل يتفق مع الشرف العسكرى وتقاليد الشرطة؟..
إن النظام فى مصر يتعرض الآن إلى موجات من الاحتجاج الاجتماعى غير المسبوق لأن الحياة أصبحت مستحيلة بمعنى الكلمة على ملايين المصريين، فلم يعد أمامهم إلا أن يخرجوا إلى الشارع ليعلنوا عن مطلبهم البسيط العادل فى حياة تليق بالآدميين، ولأن النظام صار عاجزا تماما عن أى إصلاح جدى، فهو يدفع بجهاز الشرطة إلى مواجهة الناس وقمعهم وتعذيبهم؛ متناسيا فى ذلك حقيقة بسيطة ومهمة: أن ضابط الشرطة، أولا وأخيرا، مواطن مصرى يجرى عليه ما يجرى على المصريين، وغالبا ما يعانى مما يعانون منه جميعا.. إن النظام السياسى الذى لا يعتمد فى بقائه إلا على القمع. تفوته دائما حقيقة أن جهاز القمع، مهما بلغ جبروته، مكون أساسا من مواطنين مندمجين فى المجتمع، تتطابق مصالحهم وآراؤهم غالبا مع بقية المواطنين، ومع تزايد القمع سيأتى يوم يعجزون فيه عن تبرير ما يرتكبونه من جرائم فى حق الناس، وعندئذ يفقد النظام قدرته على القمع ويلقى النهاية التى يستحقها.. وأعتقد أننا فى مصر نقترب من ذلك اليوم.

- الوصلة الأصلية للمقال بجريدة الشروق.

10 أبريل 2009

الشارع

Street 1

الشارع بَرَه بالليل سكُوتْ

وأنا قاعِد لِوَحدِي بَامُوتْ

مَحَدِشْ يقُولّي مَالك عَامِل إيهْ ؟

دَه الكُل مَلهِي ف دُنيتُه

و الدُنيا دِي

مَلَكُوتْ.

 

                                    أيوب – ديسمبر 2006

09 أبريل 2009

9 أبريل الكئيب

للتذكرة فقط … اليوم تمر …

-61 عاماً على مذبحة دير ياسين.

-39 عاماً على مذبحة مدرسة بحر البقر.

-6 أعوام على سقوط بغداد.

ماذا أيضاً ؟

أفيدوني إن كان هناك كوارث أخرى.

إحباط 6 أبريل

صراحةً لقد أُحبَطت إحباطاً على إحباطي المُحبَط من هذا اليوم ، لن تقوم لنا قائمة بهذه الطريقة ، أعتقد أن الحل ليس في إنقلابٍ عسكري أو تدخلٍ أجنبي كإحتلال مثلاً أو حرب ، و ليس الحل في … في … في … لست أدري - لقد جُننت - لكن الحل سيكون عفوياً كثورة 1919 أو هبّات الشعب المفاجئة التي لا يمكن التنبؤ بها إثر قرارٍ فاشيٍّ جديد لحكومة الدوكش ، لكن القرارات الفاشية كثيراً ما أُصدرت ولم يهب الشعب كما كنت أتوقع ، فما الذي يمكن أن يحرك مثل تلك الجموع النائمة؟

 

رغيف العيش ؟

-أصبح كالكعكة.

الطعام ؟

-أصبح من كماليات الحياة.

الزواج بالنسبة لشباب النيل ؟

-أعتقد أن صيد العنقاء أسهل.

الوظائف ؟

-القهاوي و الكافتيريات هي محل إقامة الشباب حاليا.

المياه؟

-أعوذ بالله من غضب الله.

المرتبات؟

-لا تكفي لشراء قميص و بنطلون محترم ، فما بالك بالمتزوجين!

العلاج؟

-من ابتلاه الله بالمرض فعليه بالصبر على المرض و على أسعار الأدوية التي لا تهدأ عن الإرتفاع – أنا إيدي في الموضوع.

مخالفات المرور؟

-لا نامت أعين الجبناء.

ما الذي بقى من كل هذا ؟ من المؤكد أني نسيت بعض الأشياء التي تحرك الحجر إلى الثورة و الإنتفاضة ضد هذا النظام الفاشي.

هل سمع أحدكم عن رواية مزرعة الحيوانات لجورج أورويل؟ هل تعرفون ما بدايتها و ما أحداثها؟ لو تعرفون فلا ضير و إن لم تسمعوا عنها فاقرأوها بالله عليكم،  أعتقد أنها وقت أن كُتبت – 1945 - كانت تستهدف كل النظم الشمولية القمعية في العالم – الإتحاد السوفييتي بالأساس - و أظن أن مصر سارت على نهج الرواية بالمسطرة عن غير قصد طبعاً ، لأنهم أولاً لا يقرأون و ثانياً أن كل الديكتاتوريين سواء ، أرواحهم متطابقة.

لكنكم أكيد شاهدتم V for Vendetta ، و كيف تحولت بريطانيا ، أقدم ديمقراطية في العالم إلى نظام قمعي شمولي ، وكيف يكسر حاجز الخوف و الرهبة من الحكومة المتسلطة إنسان مجهول يرتدي قناع وجه جاي فوكس و يتخذ من حرف V اسماً له ، و يلهم هذا الجريء كل الشعب الإنجليزي المقهور للوقوف صفاً واحداً في وجه الديكتاتورية.

و أخيراً … ألا يدلني أحدكم على V لأتبعه في طريق الحرية؟

08 أبريل 2009

مواسم الكآبة السنوية – 3

Depressed 3

لست أدري لماذا أكتئب هذه المرة ؟

لكني أحس بانقباضٍ شديد مما يدور من حولي من أحداث لدرجةً تمنعني من مواصلة الكتابة في موضوعين أُعِدُ لهما منذ فترة أو أن أواصل عملي الممل ، أشعر أني لابد و أن أبتعد و أنعزل عن محيطي و أتقوقع على نفسي ، و لا أعلم إن كنت أريد أن أكون وحدي لفترة من الزمن أو بحاجه للصحبة في تلك الفترة العصيبة.

أنا حالياً مشوش التفكير و أنسحب من العالم تدريجياً إلى أن أنام ، و تلك هي نهاية إكتئابي المزمن و أعتقد أنه الحل الوحيد … النوم.

لا أعلم ما الذي يُفترض أن أفعله فيما يحدث حولي ؟ أكاد أن أُجنّ من كثرة التفكير.

أعتقد أن الراحة ستكون في تكبير الدماغ و ترويق البال ، لكني للأسف لست من هذا النوع من البشر.

free counters